للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَايِخَ بْنِ عَابِرَ بْنِ سَايِخَ بْنِ أَرْفَخْشَدَه بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ. وَحَكَى السُّهَيْلِيُّ أَنَّهُ: النُّمْرُوذُ بْنُ كوش بن كنعان بن حَامِ بْنِ نُوحٍ، وَكَانَ مَلِكًا عَلَى السُّودَانِ، وَكَانَ مَلِكُهُ الضَّحَّاكَ الَّذِي يُعْرَفُ بالازدهاق، واسمه اندراوست ابن انْدِرَشْتَ، وَكَانَ مَلِكَ الْأَقَالِيمِ كُلِّهَا، وَهُوَ الَّذِي قَتَلَهُ أفريدون ابن أَهْبَانَ، وَفِيهِ يَقُولُ أَبُو تَمَّامٍ حَبِيبُ فِي قَصِيدٍ مَدَحَ بِهِ الْأُفْشِينَ، وَذَكَرَ أخذه بابك الْخَرْمِيَّ:

بَلْ كَانَ كَالضَّحَّاكِ فِي فَتَكَاتِهِ ... بِالْعَالَمِينَ، وَأَنْتَ أَفْرِيدُونُ

وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ صَلَبَ وَقَطَعَ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلَ، وَمَلَكَ نُمْرُوذُ أَرْبَعَمِائَةِ عَامٍ فيما ذكروا: وَلَهُ ابْنٌ يُسَمَّى نُمْرُوذُ الْأَصْغَرُ مَلَكَ عَامًا وَاحِدًا.

وَمَعْنَى: حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَيْ: عَارَضَ حُجَّتَهُ بِمِثْلِهَا، أَوْ: أَتَى عَلَى الْحُجَّةِ بِمَا يُبْطِلُهَا، أَوْ: أَظْهَرَ الْمُغَالَبَةَ فِي الْحُجَّةِ. ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ.

وَاخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ الْمُحَاجَّةِ،

فَقِيلَ: خَرَجُوا إِلَى عِيدٍ لَهُمْ، فَدَخَلَ إِبْرَاهِيمُ عَلَى أَصْنَامِهِمْ فَكَسَّرَهَا، فَلَمَّا رَجَعُوا قَالَ: أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ؟ فَقَالَ لَهُ: فَمَنْ تَعْبُدُ؟ قَالَ: أَعْبُدُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَقِيلَ: كَانَ نُمْرُوذُ يَحْتَكِرُ، فَإِذَا احْتَاجُوا اشْتَرَوْا مِنْهُ الطَّعَامَ، فَإِذَا دَخَلُوا عَلَيْهِ سَجَدُوا لَهُ، فَلَمَّا دَخَلَ إِبْرَاهِيمُ لَمْ يَسْجُدْ لَهُ، فقال: مالك لَمْ تَسْجُدْ لِي؟

فَقَالَ: أَنَا لَا أَسْجُدُ إِلَّا لِرَبِّي! فَقَالَ لَهُ نُمْرُوذُ: مَنْ رَبُّكَ؟ قَالَ: رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ.

وَفِي قَوْلِهِ: إِنَّهُ كَانَ كُلَّمَا جَاءَ قَوْمٌ قَالَ مَنْ رَبُّكُمْ وَإِلَهُكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: أَنْتَ، فَيَقُولُ:

مِيرُوهُمْ وَجَاءَ إِبْرَاهِيمُ يَمْتَارُ، فَقَالَ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ وَإِلَهُكَ؟ فَقَالَ: رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ!.

وَقِيلَ: كانت المحاجة بَعْدَ أَنْ خَرَجَ مِنَ النَّارِ الَّتِي أَلْقَاهُ فِيهَا النُّمْرُوذُ، وَذَكَرُوا أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُمِرْهُ النُّمْرُوذُ، مَرَّ عَلَى رَمْلٍ أَعْفَرَ، فَأَخَذَ مِنْهُ وَأَتَى أَهْلَهُ وَنَامَ، فَوَجَدُوهُ أَجْوَدَ طَعَامٍ، فَصَنَعَتْ مِنْهُ وَقَرَّبَتْهُ لَهُ، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ هَذَا؟ قَالَتْ مِنَ الطَّعَامِ الَّذِي جِئْتَ بِهِ! فَعَرَفَ أَنَّ اللَّهَ رَزَقَهُ، فَحَمَدَ اللَّهَ.

وَقِيلَ: مَرَّ عَلَى رَمْلَةٍ حَمْرَاءَ، فَأَخَذَ مِنْهَا، فَوَجَدُوهَا حِنْطَةً حَمْرَاءَ، فَكَانَ إِذَا زَرَعَ مِنْهَا جَاءَ سُنْبُلُهُ مِنْ أَصْلِهَا إِلَى فَرْعِهَا حَبًّا مُتَرَاكِبًا.

فِي: رَبِّهِ، يُحْتَمَلُ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَأَنْ يَعُودَ عَلَى النُّمْرُوذِ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>