للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَدْخُولُ الْعَقْلِ، النَّاقِصُ الْفِطْرَةِ. وَقَالَ الشَّيْخُ: الْكَبِيرُ، وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: الْعَاجِزُ عَنِ الْإِمْلَاءِ لِعَيٍّ أَوْ لِخَرَسٍ.

أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لِعَيٍّ أَوْ خَرَسٍ أَوْ غَيْبَةٍ، وَقِيلَ: بِجُنُونٍ، وَقِيلَ: بِجَهْلٍ بِمَا لَهُ أَوْ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: لِصِغَرٍ. وَالَّذِي يَظْهَرُ تَبَايُنُ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ، فَمَنْ زَعَمَ زِيَادَةَ: أَوْ، فِي قَوْلِهِ: أَوْ ضَعِيفًا، أَوْ زِيَادَتَهَا فِي هَذَا، وَفِي قَوْلِهِ: أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ، فَقَوْلُهُ سَاقِطٌ، إِذْ: أَوْ، لَا تُزَادُ، وَأَنَّ السَّفَهَ هُوَ تَبْذِيرُ الْمَالِ وَالْجَهْلُ بِالتَّصَرُّفِ، وَأَنَّ الضَّعْفَ هُوَ فِي الْبَدَنِ لِصِغَرٍ أَوْ إِفْرَاطِ شَيْخٍ يَنْقُصُ مَعَهُ التَّصَرُّفُ، وَأَنَّ عَدَمَ اسْتِطَاعَتِهِ الْإِمْلَاءَ لِعَيٍّ. أَوْ خَرَسٍ، لِأَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ هِيَ القدرة على الإملاء. وَهَذَا الشَّرْحُ أَكْثَرُهُ عَنِ الزَّمَخْشَرِيُّ.

وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: ذَكَرَ تَعَالَى ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ تَقَعُ نَوَازِلُهُمْ فِي كُلِّ زَمَانٍ، وَيَتَرَتَّبُ الْحَقُّ لَهُمْ فِي كُلِّ جِهَاتٍ سِوَى الْمُعَامَلَاتِ: كَالْمَوَارِيثِ إِذَا قُسِّمَتْ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَالسَّفِيهُ الْمُهَلْهَلِ الرَّأْيِ فِي الْمَالِ الَّذِي لا يحسن الأخذ ولا الإعطاء، وَهَذِهِ الصِّفَةُ لَا تَخْلُو مِنْ حَجْرِ وَلِيٍّ أَوْ وَصِيٍّ، وَذَلِكَ وَلَيُّهُ. وَالضَّعِيفُ الْمَدْخُولُ الْعَقْلِ النَّاقِصُ الْفِطْرَةِ، وَوَلِيُّهُ وَصِيٌّ أَوْ أَبٌ، وَالَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ الْغَائِبَ عَنْ مَوْضِعِ الْإِشْهَادِ إِمَّا لِمَرَضٍ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ، وَوَلِيُّهُ وَكِيلُهُ، وَالْأَخْرَسُ مِنَ الضُّعَفَاءِ، وَالْأَوْلَى أَنَّهُ مِمَّنْ لَا يَسْتَطِيعُ، وَرُبَّمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوِ الثَّلَاثَةُ فِي شَخْصٍ. انْتَهَى. وَفِيهِ بَعْضُ تَلْخِيصٍ، وَهُوَ تَوْكِيدُ الضَّمِيرِ الْمُسْتَكِنُ فِي: أَنْ يُمِلَّ، وَفِيهِ مِنَ الْفَصَاحَةِ مَا لَا يَخْفَى، لِأَنَّ فِي التَّأْكِيدِ بِهِ رَفْعُ الْمَجَازِ الَّذِي كَانَ يَحْتَمِلُهُ إِسْنَادُ الْفِعْلِ إِلَى الضَّمِيرِ، وَالتَّنْصِيصُ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَطِيعٍ بِنَفْسِهِ.

وقرىء شَاذًّا بِإِسْكَانِ هَاءِ: هُوَ، وَإِنْ كَانَ قَدْ سَبَقَهَا مَا يَنْفَصِلُ، إِجْرَاءً لِلْمُنْفَصِلِ مَجْرَى الْمُتَّصِلِ بِالْوَاوِ وَالْفَاءِ وَاللَّامِ، نَحْوُ: وَهُوَ، فَهُوَ، لَهُوَ. وَهَذَا أَشَذُّ مِنْ قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ:

ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لِأَنَّ ثُمَّ شَارَكَتْ فِي كَوْنِهِ لِلْعَطْفِ، وَأَنَّهَا لَا يُوقَفُ عَلَيْهَا فَيَتِمُّ الْمَعْنَى.

فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ. الضَّمِيرُ فِي وَلِيُّهُ عَائِدٌ عَلَى أَحَدِ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ، وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ ابْنَ عَطِيَّةَ لِلْوَلِيِّ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الَّذِي يَلِي أَمْرَهُ مِنْ وَصِيٍّ إِنْ كَانَ سَفِيهًا أَوْ صَبِيًّا، أَوْ وَكِيلٍ إِنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَطِيعٍ، أَوْ تُرْجُمَانَ يُمِلُّ عَنْهُ وَهُوَ يُصَدِّقُهُ.

وَذَهَبَ الطَّبَرِيُّ إِلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي وَلِيِّهِ يَعُودُ عَلَى الْحَقِّ، فَيَكُونُ الْوَلِيُّ هُوَ الَّذِي لَهُ الْحَقُّ.

وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالرَّبِيعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>