للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِفَتْحِ هَمْزَةِ: أَنْ، وَهِيَ النَّاصِبَةُ، وَفَتْحِ رَاءِ فَتُذَكِّرَ عَطْفًا عَلَى: أَنْ تَضِلَّ وَسَكَّنَ الذَّالَ وَخَفَّفَ الْكَافَ ابْنُ كَثِيرٍ، وَأَبُو عَمْرٍو. وَفَتَحَ الذَّالَ، وَشَدَّدَ الْكَافَ الْبَاقُونَ مِنَ السَّبْعَةِ.

وَقَرَأَ الْجُحْدَرِيُّ وَعِيسَى بْنُ عِمْرَانَ: تُضَلُّ، بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الضَّادِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ، بِمَعْنَى: تَنْسَى، كَذَا حَكَى عَنْهُمَا الدَّانِيُّ. وَحَكَى النِّقَاشُ عَنِ الْجُحْدَرِيِّ: أَنْ تَضِلَّ، بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الضَّادِ، بِمَعْنَى أَنْ تَضِلَّ الشَّهَادَةُ، تَقُولُ: أَضْلَلَتِ الْفَرَسُ والبعير إذا اذهبا فَلَمْ تَجِدْهُمَا.

وَقَرَأَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُجَاهِدٌ: فَتُذَكِّرَ، بِتَخْفِيفِ الْكَافِ الْمَكْسُورَةِ، وَرَفَعِ الرَّاءِ، أَيْ فَهِيَ: تُذْكِرُ. وَقَرَأَ زَيْدُ بْنُ أسلم: فتذاكر، من المذاكرة.

وَالْجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ مِنْ قَوْلِهِ أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ عَلَى قِرَاءَةِ الْأَعْمَشِ وَحَمْزَةَ قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِكَوْنِهِ صِفَةً لِلْمُذَكِّرِ، وَهُمَا الْمَرْأَتَانِ. انْتَهَى. كَانَ قَدْ قُدِّمَ أَنَّ قَوْلَهُ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لِقَوْلِهِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ فَصَارَ نَظِيرَ:

جَاءَنِي رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عُقَلَاءَ حُبْلَيَانِ، وَفِي جَوَازِ مِثْلِ هَذَا التَّرْكِيبِ نَظَرٌ، بَلِ الَّذِي تَقْتَضِيهِ الْأَقْيِسَةُ تَقْدِيَمَ حُبْلَيَانِ عَلَى عُقَلَاءَ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ أَعْرَبَ: مِمَّنْ تَرْضَوْنَ، بَدَلًا مِنْ:

رِجَالِكُمْ، وَعَلَى مَا اخْتَرْنَاهُ مِنْ تَعَلُّقِهِ بِقَوْلِهِ: وَاسْتَشْهِدُوا، فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ جُمْلَةُ الشَّرْطِ صِفَةٌ لِقَوْلِهِ: وَامْرَأَتَانِ، لِلْفَصْلِ بَيْنَ الْمَوْصُوفِ وَالصِّفَةِ بِأَجْنَبِيٍّ، وَأَمَّا: أَنْ تَضِلَّ، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، فَهُوَ فِي مَوْضِعِ الْمَفْعُولِ مِنْ أَجْلِهِ، أَيْ لِأَنْ تَضِلَّ عَلَى تَنْزِيلِ السَّبَبِ، وَهُوَ الْإِضْلَالُ.

مَنْزِلَةَ الْمُسَبَّبِ عَنْهُ، وَهُوَ الْإِذْكَارُ، كَمَا يَنْزِلُ الْمُسَبِّبُ مَنْزِلَةَ السَّبَبِ لِالْتِبَاسِهِمَا وَاتِّصَالِهِمَا، فَهُوَ كَلَامٌ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَعْنَى، أَيْ: لِأَنْ تُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى إِنْ ضَلَّتْ، وَنَظِيرُهُ:

أَعْدَدْتُ الْخَشَبَةَ أَنْ يَمِيلَ الْحَائِطُ فَأُدَعِّمَهُ، وَأَعْدَدْتُ السِّلَاحَ أَنْ يَطْرُقَ الْعَدُوُّ فَأَدْفَعَهُ، لَيْسَ إِعْدَادُ الْخَشَبَةِ لِأَجْلِ الْمَيْلِ إِنَّمَا إِعْدَادُهَا لِإِدْعَامِ الْحَائِطِ إِذَا مَالَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: مُخَالَفَةَ أَنْ تَضِلَّ، لِأَجْلِ عَطْفٍ فَتُذَكِّرَ عَلَيْهِ.

وَقَالَ النَّحَاسُ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ سُلَيْمَانَ يَحْكِي عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ أَنَّ التَّقْدِيرَ: كَرَاهَةَ أَنْ تَضِلَّ، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهَذَا غَلَطٌ، إِذْ يَصِيرُ الْمَعْنَى كَرَاهَةَ أَنْ تُذْكَرَ. وَمَعْنَى الضَّلَالِ هُنَا هُوَ عَدَمُ الِاهْتِدَاءِ لِلشَّهَادَةِ لِنِسْيَانٍ أَوْ غَفْلَةٍ، وَلِذَلِكَ قُوبِلَ بِقَوْلِهِ: فَتُذَكِّرَ، وَهُوَ مِنَ الذِّكْرِ، وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ، وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ مِنْ أَنَّ قِرَاءَةَ التَّخْفِيفِ، فَتُذَكِرُ، مَعْنَاهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>