بِالْكِتَابَةِ بِالْعَدْلِ، وَمِنَ النَّهْيِ عَنِ الِامْتِنَاعِ مِنَ الْكِتَابَةِ، وَمِنْ أَمْرِهِ ثَانِيًا بِالْكِتَابَةِ، وَمِنَ الْأَمْرِ لِمَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ بِالْإِمْلَالِ إِنْ أَمْكَنَ، أَوْ لِوَلِيِّهِ إِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ، وَمِنَ الْأَمْرِ بِالِاسْتِشْهَادِ، وَمِنَ الِاحْتِيَاطِ فِي مَنْ يَشْهَدُ وَفِي وَصْفِهِ، وَمِنَ النَّهْيِ لِلشُّهُودِ عَنِ الِامْتِنَاعِ مِنَ الشَّهَادَةِ إِذَا مَا دُعُوا إِلَيْهَا، وَمِنَ النَّهْيِ عَنِ الْمَلَلِ فِي كِتَابَةِ الدَّيْنِ وَإِنْ كَانَ حَقِيرًا، وَمِنَ الثَّنَاءِ عَلَى الضَّبْطِ بِالْكِتَابَةِ، وَمِنَ الْأَمْرِ بِالْإِشْهَادِ عِنْدَ التَّبَايُعِ، وَمِنَ النَّهْيِ لِلْكَاتِبِ وَالشَّاهِدِ عَنْ ضِرَارِ مَنْ يَشْهَدُ لَهُ وَيَكْتُبُ، ومن التنبيه على أن الضِّرَارَ فِي مِثْلِ هَذَا هُوَ فُسُوقٌ، وَمِنَ الْأَمْرِ بِالتَّقْوَى، وَمِنَ الْإِذْكَارِ بِنِعْمَةِ التَّعَلُّمِ، وَمِنَ التَّهْدِيدِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَمِنِ الِاسْتِيثَاقِ فِي السَّفَرِ وَعَدَمِ الْكَاتِبِ بِالرَّهْنِ الْمَقْبُوضِ، وَمِنَ الْأَمْرِ بِأَدَاءِ أَمَانَةِ مَنْ لَمْ يَسْتَوْثِقْ بِكَاتِبٍ وَشَاهِدٍ وَرَهْنٍ، وَمِنَ الْأَمْرِ لِمَنِ اسْتَوْثَقَ بِتَقْوَى اللَّهِ الْمَانِعَةِ مِنَ الْإِخْلَالِ بِالْأَمَانَةِ، وَمِنَ النَّهْيِ عَنْ كَتْمِ الشَّهَادَةِ، وَمِنَ التَّنْبِيهِ عَلَى أَنْ كَاتَمَهَا مُرْتَكِبُ الْإِثْمِ، وَمِنَ التَّهْدِيدِ آخِرِهَا بِقَوْلِهِ: وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ فَانْظُرْ إِلَى هَذِهِ الْمُبَالَغَةِ وَالتَّأْكِيدِ فِي حِفْظِ الْأَمْوَالِ وَصِيَانَتِهَا عَنِ الضَّيَاعِ، وَقَدْ قَرَنَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالنُّفُوسِ وَالدِّمَاءِ،
فَقَالَ: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» .
وَقَالَ: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ»
. وَلِصِيَانَتِهَا وَالْمَنْعِ مِنْ إِضَاعَتِهَا، وَمِنَ التَّبْذِيرِ فِيهَا كَانَ حَجْرُ الْإِفْلَاسِ، وَحَجْرُ الْجُنُونِ، وَحَجْرُ الصِّغَرِ، وَحَجْرُ الرِّقِّ، وَحَجْرُ الْمَرَضِ، وَحَجْرُ الِارْتِدَادِ.
لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ قَالَ الشَّعْبِيُّ، وَعِكْرِمَةُ: نَزَلَتْ فِي كِتْمَانِ الشَّهَادَةِ وَإِقَامَتِهَا، وَرَوَاهُ مُجَاهِدٌ وَمُقْسِمٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ مُقَاتِلٌ، وَالْوَاقِدِيُّ: نَزَلَتْ فِيمَنْ يَتَوَلَّى الْكَافِرِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ.
وَمُنَاسَبَتُهَا ظَاهِرَةٌ، لِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ مَنْ كَتَمَ الشَّهَادَةَ فَإِنَّ قَلْبَهُ آثِمٌ، ذَكَرَ مَا انْطَوَى عَلَيْهِ الضَّمِيرُ، فَكَتَمَهُ أَوْ أَبْدَاهُ، فَإِنَّ اللَّهَ يُحَاسِبُهُ بِهِ، فَفِيهِ وَعِيدٌ وَتَهْدِيدٌ لِمَنْ كَتَمَ الشَّهَادَةَ، وَلَمَّا عَلَّقَ الْإِثْمَ بِالْقَلْبِ ذَكَرَ هُنَا الْأَنْفُسَ، فَقَالَ: وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ وَنَاسَبَ ذِكْرُ هَذِهِ الْآيَةِ خَاتِمَةً لِهَذِهِ السُّورَةِ لِأَنَّهُ تَعَالَى ضَمَّنَهَا أَكْثَرَ عِلْمِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ مِنْ: دَلَائِلِ التَّوْحِيدِ، وَالنُّبُوَّةِ، وَالْمَعَادِ، وَالصَّلَاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَالْقِصَاصِ، وَالصَّوْمِ، وَالْحَجِّ، وَالْجِهَادِ، وَالْحَيْضِ، وَالطَّلَاقِ، وَالْعِدَّةِ، وَالْخُلْعِ، وَالْإِيلَاءِ، وَالرَّضَاعَةِ، وَالرِّبَا، وَالْبَيْعِ، وَكَيْفِيَّةِ الْمُدَايَنَةِ. فَنَاسَبَ تَكْلِيفُهُ إِيَّانَا بِهَذِهِ الشَّرَائِعِ أَنْ يَذَكَرَ أَنَّهُ تَعَالَى مَالِكٌ لما في السموات وَمَا فِي الْأَرْضِ، فَهُوَ يُلْزِمُ مَنْ شَاءَ مِنْ مَمْلُوكَاتِهِ بِمَا شَاءَ مِنْ تَعَبُّدَاتِهِ وَتَكْلِيفَاتِهِ.
وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ التَّكَالِيفُ مَحَلَّ اعْتِقَادِهَا إِنَّمَا هُوَ الْأَنْفَسُ، وَمَا تَنْطَوِي عَلَيْهِ مِنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute