للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ: بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ مِنْ لَفْظِ الْوَقُودِ، وَيَكُونُ التَّشْبِيهُ فِي نَفْسِ الِاحْتِرَاقِ، قَالَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ. وَقِيلَ: مِنْ مَعْنَاهُ أَيْ عُذِّبُوا تَعْذِيبًا كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ وَقُودُ النَّارِ.

وَقِيلَ: بلن تُغْنِيَ، أَيْ: لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ مِثْلُ مَا لَمْ تُغْنِ عَنْ أُولَئِكَ، قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ.

وَهُوَ ضَعِيفٌ، لِلْفَصْلِ بين العالم وَالْمَعْمُولِ بِالْجُمْلَةِ الَّتِي هِيَ: أُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ عَلَى أَيِّ التَّقْدِيرَيْنِ اللَّذَيْنِ قَدَّرْنَاهُمَا فِيهَا مِنْ أَنْ تَكُونَ مَعْطُوفَةً عَلَى خَبَرِ إِنَّ، أَوْ عَلَى الْجُمْلَةِ الْمُؤَكَّدَةِ بِإِنَّ، فَإِنْ قَدَّرْتَهَا اعْتِرَاضِيَّةً، وَهُوَ بَعِيدٌ، جَازَ مَا قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ.

وَقِيلَ: بِفِعْلٍ مَنْصُوبٍ مِنْ مَعْنَى: لَنْ تُغْنِيَ، أَيْ بَطَلَ انْتِفَاعُهُمْ بِالْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ بُطْلَانًا كَعَادَةِ آلِ فِرْعَوْنَ.

وَقِيلَ: هُوَ نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: كُفْرًا كَدَأْبِ، وَالْعَامِلُ فِيهِ: كَفَرُوا، قَالَهُ الْفَرَّاءُ وَهُوَ خَطَأٌ، لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ مَعْمُولًا لِلصِّلَةِ كَانَ مِنَ الصِّلَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُخْبَرَ عَنِ الْمَوْصُولِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ صِلَتَهُ وَمُتَعَلَّقَاتِهَا، وَهُنَا قَدْ أَخْبَرَ، فَلَا تَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْمُولًا لِمَا فِي الصِّلَةِ.

وَقِيلَ: بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ: كَفَرُوا، التَّقْدِيرُ: كَفَرُوا كُفْرًا كَعَادَةِ آلِ فِرْعَوْنَ.

وَقِيلَ: الْعَامِلُ فِي الْكَافِ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا، وَالضَّمِيرُ فِي: كَذَّبُوا، عَلَى هَذَا لِكُفَّارِ مَكَّةَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ مُعَاصِرِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَيْ: كَذَّبُوا تَكْذِيبًا كَعَادَةِ آلِ فِرْعَوْنَ.

وَقِيلَ: يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ: فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ أَيْ: أَخَذَهُمْ أَخْذًا كَمَا أَخَذَ آلَ فِرْعَوْنَ، وَهَذَا ضَعِيفٌ، لِأَنَّ مَا بَعْدَ الْفَاءِ الْعَاطِفَةِ لَا يَعْمَلُ فِيمَا قَبْلَهَا.

وَحَكَى بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنِ الْكُوفِيِّينَ أَنَّهُمْ أَجَازُوا: زَيْدًا قُمْتُ فَضَرَبْتُ، فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ هَذَا الْقَوْلُ.

فَهَذِهِ عَشَرَةُ أَقْوَالٍ فِي الْعَامِلِ فِي الْكَافِ.

قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَالدَّأْبُ، بِسُكُونِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِهَا، مَصْدَرُ دَأَبَ يَدْأَبُ، إِذَا لَازَمَ فِعْلَ شَيْءٍ وَدَامَ عَلَيْهِ مُجْتَهِدًا فِيهِ، وَيُقَالُ لِلْعَادَةِ: دَأْبٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: وَسَمِعْتُ يَعْقُوبَ يَذْكُرُ:

كَدَأَبِ، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَقَالَ لِي وَأَنَا غُلَيْمٌ: عَلَى أَيِّ شَيْءٍ يَجُوزُ كَدَأَبِ؟ فَقُلْتُ لَهُ: أَظُنُّهُ مِنْ: دَئِبَ يَدْأَبُ دَأَبًا، فَقَبِلَ ذَلِكَ مِنِّي، وَتَعَجَّبَ مِنْ جَوْدَةِ تَقْدِيرِي عَلَى صِغَرِي،

<<  <  ج: ص:  >  >>