وَإِنَّمَا أَوْلَادُنَا بَيْنَنَا ... أَكْبَادُنَا تَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ
لَوْ هَبَّتِ الرِّيحُ عَلَى بَعْضِهِمْ ... لَامْتَنَعَتْ عَيْنِي مِنَ الْغَمْضِ
الْمَرْءُ مَفْتُونٌ بِابْنِهِ وَبِشِعْرِهِ.
وَقُدِّمُوا عَلَى الْأَمْوَالِ لِأَنَّ حُبَّ الْإِنْسَانِ وَلَدَهُ أَكْثَرُ مِنْ حُبِّهِ مَالَهُ، وَحَيْثُ ذَكَرَ الِامْتِنَانَ وَالْإِنْعَامَ أَوِ الِاسْتِعَانَةَ وَالْغَلَبَةَ. قُدِّمَتِ الْأَمْوَالُ عَلَى الْأَوْلَادِ.
وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَالْبَنِينَ، الذُّكْرَانِ. وَقِيلَ يَشْمَلُ: الْإِنَاثَ، وَغَلَبَ التَّذْكِيرُ.
وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ ثُلِّثَ بِالْأَمْوَالِ لِمَا فِي الْمَالِ مِنَ الْفِتْنَةِ، وَلِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ غَالِبُ الشَّهَوَاتِ، وَلِأَنَّ الْمَرْءَ يَرْتَكِبُ الْأَخْطَارَ فِي تَحْصِيلِهِ لِلْوَلَدِ.
وَاخْتُلِفَ فِي: الْقِنْطَارِ، أَهْوَ عَدَدٌ مَخْصُوصٌ، أَمْ لَيْسَ كَذَلِكَ؟
فَقِيلَ: أَلْفٌ وَمِائَتَا أُوقِيَّةٍ، وَقِيلَ: اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ أُوقِيَّةٍ، وَقِيلَ: أَلْفٌ وَمِائَتَا دِينَارٍ. وَكُلُّ هَذِهِ رُوِيَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
الْأَوَّلُ: رَوَاهُ أُبَيٌّ، وَقَالَ بِهِ مُعَاذٌ، وَابْنُ عُمَرَ، وَعَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ، وَالْحَسَنُ فِي رِوَايَةٍ.
وَالثَّانِي: رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَقَالَ بِهِ. وَالثَّالِثُ: رَوَاهُ الْحَسَنُ، وَرَوَاهُ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَقِيلَ: اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، أَوْ أَلْفُ دِينَارٍ ذَهَبًا، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنِ الْحَسَنِ، وَالضَّحَّاكِ.
وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ: ثَمَانُونَ أَلْفًا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: سَبْعُونَ أَلْفَ دِينَارٍ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: ثَمَانِيَةُ آلَافِ مِثْقَالٍ، وَهِيَ مِائَةُ رِطْلٍ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: أَلْفُ مِثْقَالِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ. وَقَالَ قَتَادَةُ: مِائَةُ رِطْلٍ مِنَ الذَّهَبِ، أَوْ ثَمَانُونَ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنَ الْفِضَّةِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَعِكْرِمَةُ: مِائَةُ أَلْفٍ، وَمِائَةُ مَنٍّ، وَمِائَةُ رِطْلٍ، وَمِائَةُ مِثْقَالٍ، وَمِائَةُ دِرْهَمٍ.
وَلَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ يَوْمَ جَاءَ، وَبِمَكَّةَ مِائَةُ رَجُلٍ قَدْ قَنْطَرُوا. وَقِيلَ: أَرْبَعُونَ أُوقِيَّةً مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، ذَكَرَهُ مَكِّيٌّ، وَقَالَهُ ابْنُ سِيدَهْ فِي (الْمُحْكَمِ) . وَقِيلَ: ثَمَانِيَةُ آلَافِ مِثْقَالٍ، وَهِيَ مِائَةُ رِطْلٍ. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ فِي (الْمُحْكَمِ) الْقِنْطَارُ: بِلُغَةِ بَرْبَرَ: أَلْفُ مِثْقَالٍ.
وَرَوَى أَنَسٌ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَفْسِيرِ: وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً «١» قَالَ: أَلْفَ دِينَارٍ.
وَحَكَى الزَّجَّاجُ أَنَّهُ قِيلَ: إِنَّ الْقِنْطَارَ هُوَ رطل ذهبا أَوْ فِضَّةٍ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ، وَأَظُنُّهُ وَهْمًا، وَإِنَّ القول مائة رطل،
(١) سورة النساء: ٤/ ٢٠.