للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُصْحَفِ عَبْدِ اللَّهِ: بِآيَاتٍ، عَلَى الْجَمْعِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ: مِنْ رَبِّكُمْ، فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ، لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ، وَيَجُوزُ أن يتعلق: بجئتكم، أَيْ: جِئْتُكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ بِآيَةٍ.

أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ قَرَأَ الْجُمْهُورُ: أَنِّي أَخْلُقُ، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ عَلَى أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ: آيَةٍ، فَيَكُونُ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ، أَوْ بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ: أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ، فَيَكُونُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ أَوْ جَرٍّ عَلَى الْخِلَافِ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: هِيَ، أَيِ: الْآيَةُ أَنِّي أَخْلُقُ، فَيَكُونُ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ. وَقَرَأَ نَافِعٌ بِالْكَسْرِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ، أَوْ عَلَى إِضْمَارِ الْقَوْلِ، أَوْ عَلَى التَّفْسِيرِ لِلْآيَةِ. كَمَا فَسَّرَ الْمَثَلَ فِي قَوْلِهِ: كَمَثَلِ آدَمَ «١» بِقَوْلِهِ: خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ «٢» وَمَعْنَى: أَخْلُقُ: أُقَدِّرُ وَأُهَيِّءُ، وَالْخَلْقُ يَكُونُ بِمَعْنَى الْإِنْشَاءِ وَإِبْرَازِ الْعَيْنِ مِنَ الْعَدَمِ الصِّرْفِ إِلَى الْوُجُودِ. وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا لِلَّهِ تَعَالَى. وَيَكُونُ بِمَعْنَى: التَّقْدِيرِ وَالتَّصْوِيرِ، وَلِذَلِكَ يُسَمُّونَ صَانِعَ الْأَدِيمِ وَنَحْوَهُ: الْخَالِقَ، لِأَنَّهُ يُقَدِّرُ، وَأَصْلُهُ فِي الْأَجْرَامِ، وَقَدْ نَقَلُوهُ إِلَى الْمَعَانِي قَالَ تَعَالَى وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً «٣» وَمِمَّا جَاءَ الْخُلُقُ فِيهِ بِمَعْنَى التَّقْدِيرِ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ «٤» أَيِ الْمُقَدَّرَيْنِ.

وَقَالَ الشاعر:

وَلَأَنْتَ تَفْرِي مَا خَلَقْتَ ... وَبَعْضُ الْقَوْمِ يَخْلُقُ ثُمَّ لا يفري

وَاللَّامُ فِي: لَكُمْ، مَعْنَاهَا التعليل، و: من الطِّينِ، تَقْيِيدٌ بِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ مِنَ الْعَدَمِ الصِّرْفِ، بَلْ ذَكَرَ الْمَادَّةَ الَّتِي يُشَكِّلُ مِنْهَا صُورَةً.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: كَهَيْئَةِ، عَلَى وَزْنِ: حيئة، وَقَرَأَ الزُّهْرِيُّ: كَهِيَّةِ، بِكَسْرٍ الْهَاءِ وَيَاءٍ مُشَدَّدَةٍ مَفْتُوحَةٍ بَعْدَهَا تَاءُ التَّأْنِيثِ، و: الكاف، مِنْ: كَهَيْئَةِ، اسْمٌ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي الْحَسَنِ، فَهِيَ مفعولة: بأخلق، وَعَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ: يَكُونُ، صِفَةً لِمَفْعُولٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: هَيْئَةٌ مِثْلُ هَيْئَةٍ، وَيَكُونُ: هَيْئَةُ، مَصْدَرًا فِي مَعْنَى الْمَفْعُولِ، أَيْ: مِثَالًا مُهَيَّأً مِثْلَ.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: الطَّيْرِ، وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ الْقَعْقَاعِ: كَهَيْئَةِ الطَّائِرِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ:

فَأَنْفُخُ فِيهِ، الضَّمِيرُ فِي: فِيهِ، يَعُودُ عَلَى: الْكَافِ، أَوْ عَلَى مَوْصُوفِهَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ. وَقَرَأَ بَعْضُ الْقُرَّاءِ: فَأَنْفُخُهَا، أَعَادَ الضَّمِيرَ عَلَى الْهَيْئَةِ المحذوفة، إذ يكون


(٢- ١) سورة آل عمران: ٣/ ٥٩. [.....]
(٣) سورة العنكبوت: ٢٩/ ١٧.
(٤) سورة المؤمنون: ٢٣/ ١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>