للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ سِيبَوَيْهِ وَغَيْرُهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ عَلَى أَنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ، وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: التَّقْدِيرُ: أَطِيعُونِ لِأَنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ. انْتَهَى. وَلَيْسَ قَوْلُهُ بِظَاهِرٍ.

وَالْأَمْرُ بِالتَّقْوَى وَالطَّاعَةِ تَحْذِيرٌ وَدُعَاءٌ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ: تَظَاهَرَ بِالْحُجَجِ وَالْخَوَارِقِ فِي صِدْقِهِ، فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي خِلَافِي، وَأَطِيعُونِ فِي أَمْرِي وَنَهْيِي. وَقِيلَ: اتَّقُوا اللَّهَ فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ وَنَهَاكُمْ عَنْهُ فِي كِتَابِهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى مُوسَى، وَأَطِيعُونِ فِيمَا دَعَوْتُكُمْ إِلَيْهِ مِنْ تَصْدِيقِي فِيمَا أَرْسَلَنِي بِهِ إِلَيْكُمْ.

وَتَكْرَارُ: رَبِّي وَرَبُّكُمْ، أَبْلَغُ فِي الْتِزَامِ الْعُبُودِيَّةِ مِنْ قَوْلِهِ: رَبُّنَا، وَأَدَلُّ عَلَى التَّبَرِّي مِنَ الرُّبُوبِيَّةِ.

هَذَا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ أَيْ: طَرِيقٌ وَاضِحٌ لِمَنْ يَسْلُكُهُ لَا اعْوِجَاجَ فِيهِ، وَالْإِشَارَةُ بِهَذَا إِلَى قَوْلِهِ: إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَيْ إِفْرَادُ اللَّهِ وَحْدَهُ بِالْعِبَادَةِ هُوَ الطَّرِيقُ الْمُسْتَقِيمُ، وَلَفْظُ الْعِبَادَةِ يَجْمَعُ الْإِيمَانَ وَالطَّاعَاتِ.

وَفِي هَذِهِ الْآيَاتُ مِنْ ضُرُوبِ الفصاحة وَالْبَدِيعِ: إِسْنَادُ الْفِعْلِ لِلْآمِرِ بِهِ لَا لِفَاعِلِهِ، فِي قَوْلِهِ: إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ، إِذْ هُمُ الْمُشَافِهُونَ بِالْبِشَارَةِ، وَاللَّهُ الْآمِرُ بِهَا. وَمِثْلُهُ: نَادَى السُّلْطَانُ فِي الْبَلَدِ بِكَذَا، وَإِطْلَاقُ اسْمِ السَّبَبِ على المسبب في قوله: بِكَلِمَةٍ مِنْهُ، عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي فِي تَفْسِيرِ: كَلِمَةٍ.

وَالِاحْتِرَاسُ: فِي قَوْلِهِ: وَكَهْلًا، مِنْ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ أَنَّ مَنْ تَكَلَّمَ فِي حَالِ الطُّفُولَةِ لَا يَعِيشُ.

وَالْكِنَايَةُ: فِي قَوْلِهِ: ولم يمسسني بشر، كنى بِالْمَسِّ عَنِ الْوَطْءِ، كَمَا كَنَّى عَنْهُ:

بِالْحَرْثِ، وَاللِّبَاسِ، وَالْمُبَاشَرَةِ.

وَالسُّؤَالُ وَالْجَوَابُ فِي: قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ. وَفِي أَنَّى يَكُونُ؟ وَالتَّكْرَارُ: فِي: جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ.

وَفِي: أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ. وَفِي: الطَّيْرِ، وَفِي: بِإِذْنِ اللَّهِ، وَفِي: رَبِّي وَرَبُّكُمْ، وَفِي: مَا، فِي قَوْلِهِ: بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا.

وَالتَّعْبِيرُ عَنِ الْجَمْعِ بِالْمُفْرَدِ فِي: الْآيَةِ، وَفِي: الْأَكْمَهِ وَالْأَبْرَصِ، وَفِي: إِذَا قَضَى أَمْرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>