قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ لَمَّا أَرَادُوا قَتْلَهُ استنصر عليهم، قَالَهُ مُجَاهِدٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ:
إِنَّهُ اسْتَنْصَرَ لَمَّا كَفَرُوا بِهِ وَأَخْرَجُوهُ مِنْ قَرْيَتِهِمْ. وَقِيلَ: اسْتَنْصَرَهُمْ لِإِقَامَةِ الْحَقِّ.
قَالَ الْمَغْرِبِيُّ: إِنَّمَا قَالَ عِيسَى: مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ بَعْدَ رَفْعِهِ إِلَى السَّمَاءِ وَعَوْدِهِ إِلَى الْأَرْضِ، وَجَمَعَ الْحَوَارِيِّينَ الِاثْنَى عَشَرَ، وَبَثَّهُمْ فِي الْآفَاقِ يَدْعُونَ إِلَى الْحَقِّ، وَمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ الْقَوْلَ كَانَ بَعْدَ مَا ذَكَرَ بَعِيدٌ جِدًّا، لَمْ يَذْكُرْهُ غَيْرُهُ، بَلِ الْمَنْقُولِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ رَفْعِهِ إِلَى السَّمَاءِ.
قَالَ السُّدِّيُّ: مَنْ أَعْوَانِي مَعَ اللَّهِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: مَنْ أَنْصَارِي فِي السَّبِيلِ إِلَى الله. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ مَعْنَى: إِلَى اللَّهِ: لِلَّهِ، كَقَوْلِهِ: يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ «١» أَيْ لِلْحَقِّ. وَقِيلَ: مَنْ يَنْصُرُنِي إِلَى نَصْرِ اللَّهِ. وَقِيلَ: مَنْ يَنْقَطِعُ مَعِي إِلَى اللَّهِ، قَالَهُ ابْنُ بَحْرٍ. وَقِيلَ: مَنْ يَنْصُرُنِي إِلَى أَنْ أُبَيِّنَ أَمْرَ اللَّهِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَنْ أَعْوَانِي فِي ذَاتِ اللَّهِ؟ وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: مِنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ. عِبَارَةٌ عَنْ حَالِ عِيسَى فِي طَلَبِهِ مَنْ يَقُومُ بِالدِّينِ، وَيُؤْمِنُ بِالشَّرْعِ وَيَحْمِيهِ، كَمَا كَانَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَى الْقَبَائِلِ، وَيَتَعَرَّضُ لِلْأَحْيَاءِ فِي الْمَوَاسِمِ. انْتَهَى. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَإِلَى اللَّهِ مِنْ صِلَةِ أَنْصَارِي مُضَمَّنًا مَعْنَى الْإِضَافَةِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: مَنِ الَّذِينَ يُضِيفُونَ أَنْفُسَهُمْ إِلَى اللَّهِ يَنْصُرُونَنِي كَمَا يَنْصُرُنِي؟ أَوْ يَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ حَالًا مِنَ الْيَاءِ، أَيْ:
مَنْ أَنْصَارِي ذَاهِبًا إِلَى اللَّهِ مُلْتَجِئًا إِلَيْهِ؟ انْتَهَى.
قالَ الْحَوارِيُّونَ أَيْ أَصْفِيَاءُ عِيسَى. قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. أَوْ: خَوَاصُّهُ، قَالَهُ الْفَرَّاءُ.
أَوِ: الْبِيضُ الثِّيَابِ، رَوَاهُ ابْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. أَوِ: الْقَصَّارُونَ، سُمُّوا بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ يُجَوِّدُونَ الثِّيَابَ، أَيْ يُبَيِّضُونَهَا، قَالَهُ الضَّحَّاكُ، وَمُقَاتِلٌ. أَوِ: الْمُجَاهِدُونَ، أَوِ: الصَّيَّادُونَ، قَالَ لَهُمْ عِيسَى عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ السَّلَامُ: أَلَا تَمْشُونَ مَعِي تَصْطَادُونَ النَّاسَ لِلَّهِ؟ فَأَجَابُوا. قَالَ مُصْعَبٌ: كَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا يَسِيحُونَ مَعَهُ، يَخْرُجُ لَهُمْ مَا احْتَاجُوا إِلَيْهِ مِنَ الْأَرْضِ، فَقَالُوا: مَنْ أَفْضَلُ مِنَّا؟ نَأْكُلُ مِنْ أَيْنَ شِئْنَا. فَقَالَ عِيسَى: مَنْ يَعْمَلُ بِيَدِهِ؟ وَيَأْكُلُ مِنْ كَسْبِهِ؟
فَصَارُوا قَصَّارِينَ وَحَكَى ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: الْحَوَارِيُّونَ: الْمُلُوكُ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ، وَأَبُو أَرْطَاةَ:
الْغَسَّالُونَ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: الْحَوَارُ النُّورُ، وَنُسِبُوا إِلَيْهِ لِمَا كَانَ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ سِيمَا الْعِبَادَةِ وَنُورِهَا. وَقَالَ تَاجُ القراء: الحواري: الصديق.
(١) سورة يونس: ١٠/ ٣٥ والأحقاف: ٤٦/ ٣٠.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute