للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: مُسْتَوْفِي أَجَلَكَ، وَمَعْنَاهُ أَيْ: عَاصِمُكَ مِنْ أَنْ يَقْتُلَكَ الْكُفَّارُ، وَمُؤَخِّرُكَ إِلَى أَجَلٍ كَتَبْتُهُ لَكَ، وَمُمِيتُكَ حَتْفَ أَنْفِكَ لَا قَتْلًا بِأَيْدِيِهِمْ. وَقِيلَ: مُتَوَفِّيكَ: قَابِضُكَ مِنَ الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ مَوْتٍ، قَالَهُ الْحَسَنُ، وَالضَّحَّاكُ، وَابْنُ زَيْدٍ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، ومطر الْوَرَّاقِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، مِنْ: تَوَفَّيْتُ مَالِي عَلَى فُلَانٍ إِذَا اسْتَوْفَيْتَهُ.

وَقِيلَ: أَجْعَلُكَ كَالْمُتَوَفَّى، لِأَنَّهُ بِالرَّفْعِ يُشْبِهُهُ. وَقِيلَ: آخُذُكَ وَافِيًا بِرُوحِكَ وَبَدَنِكَ.

وَقِيلَ: مُتَوَفِّيكَ: مُتَقَبِّلُ عَمَلِكَ، وَيَضْعُفُ هَذَا مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْوَاسِطِيُّ:

مُتَوَفِّيكَ عَنْ شَهَوَاتِكَ.

قال ابن عطية: وأجمعت الْأُمَّةُ عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ الْحَدِيثُ الْمُتَوَاتِرُ مِنْ:

«أَنَّ عِيسَى فِي السَّمَاءِ حَيٌّ، وَأَنَّهُ يَنْزِلُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، فَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ، وَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الدَّجَّالَ، وَيَفِيضُ الْعَدْلُ، وَتَظْهَرُ بِهِ الْمِلَّةُ، مِلَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَحُجُّ الْبَيْتَ، وَيَعْتَمِرُ، وَيَبْقَى فِي الْأَرْضِ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً» وَقِيلَ: أَرْبَعِينَ سَنَةً. انْتَهَى.

وَرافِعُكَ إِلَيَّ الرَّفْعُ نَقْلٌ مِنْ سُفْلٍ إِلَى عُلُوٍّ و: إليّ، إِضَافَةُ تَشْرِيفٍ. وَالْمَعْنَى:

إِلَى سَمَائِي وَمَقَرِّ مَلَائِكَتِي. وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْبَارِيَ تَعَالَى لَيْسَ بِمُتَحَيِّزٍ فِي جِهَةٍ، وَقَدْ تَعَلَّقَ بِهَذَا الْمُشَبِّهَةُ فِي ثُبُوتِ الْمَكَانِ لَهُ تَعَالَى. وَقِيلَ: إِلَى مَكَانٍ لَا يَمْلِكُ الْحُكْمَ فِيهِ فِي الْحَقِيقَةِ وَلَا فِي الظَّاهِرِ إِلَّا أَنَا، بِخِلَافِ الْأَرْضِ، فَإِنَّهُ قَدْ يَتَوَلَّى الْمَخْلُوقُونَ فِيهَا الْأَحْكَامَ ظَاهِرًا.

وَقِيلَ: إِلَى مَحَلِّ ثَوَابِكَ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: رَفْعُهُ إِلَى السَّمَاءِ، سَمَاءُ الدُّنْيَا، فَهُوَ فِيهَا يَسْبَحُ مَعَ الْمَلَائِكَةِ، ثُمَّ يُهْبِطُهُ اللَّهُ عِنْدَ ظُهُورِ الدَّجَّالِ عَلَى صَخْرَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. قِيلَ: كَانَ عِيسَى عَلَى طُورِ سَيْنَاءَ، وَهَبَّتْ رِيحٌ فَهَرْوَلَ عِيسَى فَرَفَعَهُ اللَّهُ فِي هَرْوَلَتِهِ، وَعَلَيْهِ مَدْرَعَةٌ مِنْ شِعْرٍ.

وَقَالَ الزَّجَّاجُ: كَانَ عِيسَى فِي بَيْتٍ لَهُ كُوَّةٌ، فَدَخَلَ رَجُلٌ لِيَقْتُلَهُ، فَرُفِعَ عِيسَى مِنَ الْبَيْتِ وَخَرَجَ الرَّجُلُ فِي شَبَهِ عِيسَى يُخْبِرُهُمْ أَنَّ عِيسَى لَيْسَ فِي الْبَيْتِ، فَقَتَلُوهُ.

وَرَوَيَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: رَفَعَ اللَّهُ عِيسَى مِنْ رَوْزَنَةٍ كَانَتْ فِي الْبَيْتِ.

وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا دَنِسًا وَنَجِسًا فَطَهَّرَهُ مِنْهُمْ، لِأَنَّ صُحْبَةَ الْأَشْرَارِ وَخَلْطَةَ الْفُجَّارِ تَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الدَّنَسِ فِي الثَّوْبِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ تَعَالَى يُخَلِّصُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>