للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقُولُونَ: لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ «١» بِالْجَزْمِ، وَ: لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ، بِغَيْرٍ تَمَامٍ وَلَهُ مَالٌ وَغَيْرُ عَقِيلٍ وَكِلَابٍ لَا يُوجَدُ فِي كَلَامِهِمُ اخْتِلَاسٌ وَلَا سُكُونٌ فِي: لَهُ وَشَبَهِهِ، إِلَّا فِي ضَرُورَةٍ نَحْوَ قَوْلِهِ.

لَهُ زَجَلٌ كَأَنَّهُ صَوْتٌ حَادٌّ وَقَالَ:

إِلَّا لِأَنَّ عُيُونَهُ سَيْلُ وَادِيهَا وَنَصَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَلَى أَنَّ حَرَكَةَ هَذِهِ الْهَاءِ بَعْدَ الْفِعْلِ الذَّاهِبِ مِنْهُ حَرْفٌ لِوَقْفٍ أَوْ جَزْمٍ يَجُوزُ فِيهَا الْإِشْبَاعُ، وَيَجُوزُ الِاخْتِلَاسُ، وَيَجُوزُ السُّكُونُ. وَأَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ، يُقَالُ عَنْهُ: إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ إِمَامًا فِي اللُّغَةِ، وَلِذَلِكَ أَنْكَرَ عَلَى ثَعْلَبٍ فِي كِتَابِهِ: (الْفَصِيحُ) مَوَاضِعَ زَعَمَ أَنَّ الْعَرَبَ لَا تَقُولُهَا، وَرَدَّ النَّاسُ عَلَى أَبِي إِسْحَاقَ فِي إِنْكَارِهِ، وَنَقَلُوهَا مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ.

وَمِمَّنْ رَدَّ عَلَيْهِ: أَبُو مَنْصُورٍ الْجَوَالِيقِيُّ، وَكَانَ ثَعْلَبُ إِمَامًا فِي اللُّغَةِ وَإِمَامًا فِي النَّحْوِ عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ، وَنَقَلُوا أَيْضًا قِرَاءَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا ضَمُّ الهاء ووصلها بواو، وهي قِرَاءَةُ الزُّهْرِيِّ، وَالْأُخْرَى: ضَمُّهَا دُونَ وَصْلٍ، وَبِهَا قَرَأَ سَلَّامٌ.

وَالْبَاءُ فِي: بِقِنْطَارٍ، وَفِي: بِدِينَارٍ قِيلَ: لِلْإِلْصَاقِ. وَقِيلَ: بِمَعْنَى عَلَى، إِذِ الْأَصْلُ أَنْ تَتَعَدَّى بِعَلَى، كَمَا قَالَ مَالِكٌ: لَا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ «٢» وَقَالَ: هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ «٣» وَقِيلَ: بِمَعْنَى فِي أَيْ: فِي حِفْظِ قِنْطَارٍ، وَفِي حِفْظِ دِينَارٍ. وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْقِنْطَارَ وَالدِّينَارَ مِثَالَانِ لِلْكَثِيرِ وَالْقَلِيلِ، فَيَدْخُلُ أَكْثَرُ مِنَ الْقِنْطَارِ وَأَقَلُّ. وَفِي الدِّينَارِ أَقَلُّ مِنْهُ.

قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: ويحتمل أن يُرِيدَ طِبْقَهُ يَعْنِي فِي الدِّينَارِ لَا يَجُوزُ إِلَّا فِي دِينَارٍ فَمَا زَادَ، وَلَمْ يَعْنِ بِذِكْرِ الْخَائِنِينَ فِي: أَقَلَّ، إِذْ هُمْ طُغَّامٌ حُثَالَةٌ. انْتَهَى.

وَمَعْنَى: إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً قَالَ قَتَادَةُ، وَمُجَاهِدٌ، وَالزَّجَّاجُ، وَالْفَرَّاءُ، وَابْنُ قُتَيْبَةَ: مُتَقَاضِيًا بِأَنْوَاعِ التَّقَاضِي مِنَ: الْخَفْرِ، وَالْمُرَافَعَةِ إِلَى الْحُكَّامِ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ هَيْئَةَ الْقِيَامِ، إِنَّمَا هُوَ مِنْ قِيَامِ الْمَرْءِ عَلَى أَشْغَالِهِ: أَيِ اجْتِهَادِهِ فِيهَا.

وَقَالَ السُّدِّيُّ وَغَيْرُهُ: قَائِمًا عَلَى رَأْسِهِ وَهِيَ الْهَيْئَةُ الْمَعْرُوفَةُ وَذَلِكَ نهاية الخفر، لأن


(١) سورة العاديات: ١٠٠/ ٦.
(٢) سورة يوسف: ١٢/ ١١.
(٣) سورة يوسف: ١٢/ ٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>