للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصِلَتُهَا: آتَيْنَاكُمْ، وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ تقديره: آتيناكموه، و: ثُمَّ جَاءَكُمْ، مَعْطُوفٌ عَلَى الصِّلَةِ، وَالْعَائِدُ مِنْهَا عَلَى الْمَوْصُولِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِهِ، فَحُذِفَ لِدَلَالَةِ الْمَعْنَى عَلَيْهِ، هَكَذَا خَرَّجُوهُ، وَزَعَمُوا أَنَّ ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ، وَخَرَّجُوهُ عَلَى مَذْهَبِ الْأَخْفَشِ: أَنَّ الرَّبْطَ لِهَذِهِ الْجُمْلَةِ الْعَارِيَةِ عَنِ الضَّمِيرِ حَصَلَ بِقَوْلِهِ: لِمَا مَعَكُمْ، لِأَنَّهُ هُوَ الْمَوْصُولُ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ: ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لَهُ، وَقَدْ جَاءَ الرَّبْطُ فِي الصِّلَةِ بِغَيْرِ الضَّمِيرِ، إِلَّا أَنَّهُ قَلِيلٌ: رَوَى مِنْ كَلَامِهِمْ: أَبُو سَعِيدٍ الَّذِي رَوَيْتُ عَنِ الْخُدْرِيِّ، يُرِيدُونَ:

رَوَيْتُ عَنْهُ. وَقَالَ:

فَيَا رَبَّ لَيْلَى أَنْتَ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ ... وَأَنْتَ الَّذِي فِي رَحْمَةِ اللَّهِ أَطْمَعُ

يُرِيدُ فِي رَحْمَتِهِ أَطْمَعُ.

وَخَبَرُ الْمُبْتَدَأِ، الَّذِي هُوَ: مَا، الْجُمْلَةُ مِنَ الْقَسَمِ الْمَحْذُوفِ وَجَوَابِهِ، وَهُوَ: لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ، وَالضَّمِيرُ فِي: بِهِ، عَائِدٌ عَلَى الْمَوْصُولِ الْمُبْتَدَأِ، وَلَا يَعُودُ عَلَى: رَسُولٌ، لِئَلَّا تَخْلُو الْجُمْلَةُ الَّتِي وَقَعَتْ خَبَرًا عَنِ الْمُبْتَدَأِ مِنْ رَابِطٍ يَرْبُطُهَا بِهِ، وَالْجُمْلَةُ الِابْتِدَائِيَّةُ الَّتِي هِيَ: لَمَا آتَيْنَاكُمْ، إِلَى آخِرِهِ هِيَ الْجُمْلَةُ الْمُتَلَقِّي بِهَا مَا أُجْرِيَ مَجْرَى الْقَسَمِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ.

وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: قَالَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَهُوَ: أَنْ تَكُونَ: مَا، مَوْصُولَةً مَفْعُولَةً بِفِعْلِ جَوَابِ الْقَسَمِ، التَّقْدِيرُ: لَتَبْلُغُنَّ مَا آتَيْنَاكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ، قَالَ: إِلَّا أَنَّهُ حذف: لتبلغن، للدلالة عَلَيْهِ، لِأَنَّ لَامَ الْقَسَمِ إِنَّمَا تَقَعُ عَلَى الْفِعْلِ، فَلَمَّا دَلَّتْ هَذِهِ اللَّامُ عَلَى هَذَا الْفِعْلِ حُذِفَ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ وَهُوَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَسْتَقِيمُ النَّظْمُ، انْتَهَى. وَيَعْنِي: يَكُونُ: لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ، جَوَابَ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ، وَهَذَا بَعِيدٌ جِدًّا لَا يُحْفَظُ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَاللَّهِ لَزَيْدًا تُرِيدُ لَيَضْرِبَنَّ زَيْدًا.

وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ: قَالَهُ ابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَهُوَ: أَنْ يَكُونَ: لَمَا، تَخْفِيفَ لَمَّا، وَالتَّقْدِيرُ:

حِينَ آتَيْنَاكُمْ، وَيَأْتِي تَوْجِيهُ قِرَاءَةِ التَّشْدِيدِ.

وَأَمَّا تَوْجِيهُ قِرَاءَةِ حَمْزَةَ: فَاللَّامُ هِيَ للتعليل، و: ما، موصولة: بآتيناكم، والعائد محذوف. و: ثُمَّ جَاءَكُمْ، مَعْطُوفٌ عَلَى الصِّلَةِ، وَالرَّابِطُ لَهَا بِالْمَوْصُولِ إِمَّا إِضْمَارُ: بِهِ، عَلَى مَا نُسِبَ إِلَى سِيبَوَيْهِ، وَإِمَّا هَذَا الظَّاهِرُ الَّذِي هُوَ: لِمَا مَعَكُمْ، لِأَنَّهُ فِي الْمَعْنَى هُوَ الْمَوْصُولُ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي الْحَسَنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>