للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ زَجَلٌ كَأَنَّهُ صَوْتٌ حَادٍ ... إِذَا طَلَبَ الْوَسِيقَةَ أَوْ زَمِيرُ

وَقَوْلُ الْآخَرِ:

وَأَشْرَبِ الْمَاءَ مَا بِي نَحْوَهُ عَطَشٌ ... إِلَّا لِأَنَّ عُيُونَهُ سَيْلُ وَادِيهَا

وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا لَمَّا كَانَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مَا كَانَ يَوْمَ أُحُدٍ وَعَتَبَ عَلَيْهِمُ اللَّهُ مَا حَذَّرَ مِنْهُمْ فِي الْآيَاتِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ، أَخْبَرَهُمْ بِأَنَّ الْأُمَمَ السَّالِفَةَ قَتَلَتْ أَنْبِيَاءً لَهُمْ كَثِيرُونَ أَوْ قُتِلَ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ مَعَهُمْ، فَلَمْ يَلْحَقْهُمْ مَا لَحِقَكُمْ مِنَ الْوَهْنِ وَالضَّعْفِ، وَلَا ثَنَاهُمْ عَنِ الْقِتَالِ فَجْعُهُمْ بِقَتْلِ أَنْبِيَائِهِمْ، أَوْ قَتْلِ ربيبهم، بَلْ مَضَوْا قُدُمًا فِي نُصْرَةِ دِينِهِمْ صَابِرِينَ عَلَى مَا حَلَّ بِهِمْ. وَقَتْلُ نَبِيٍّ أَوْ أَتْبَاعِهِ مِنْ أَعْظَمِ الْمَصَابِ، فَكَذَلِكَ كَانَ يَنْبَغِي لَكُمُ التَّأَسِّي بِمَنْ مَضَى مِنْ صَالِحِي الْأُمَمِ السَّابِقَةِ، هَذَا وَأَنْتُمْ خَيْرُ الْأُمَمِ، وَنَبِيُّكُمْ خَيْرُ الْأَنْبِيَاءِ. وَفِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ مِنَ الْعَتْبِ لِمَنْ فَرَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ وَكَأَيِّنْ قَالُوا: وَهِيَ أَصْلُ الْكَلِمَةِ، إِذْ هِيَ أَيٌّ دَخَلَ عَلَيْهَا كَافُ التَّشْبِيهِ، وَكُتِبَتْ بِنُونٍ فِي الْمُصْحَفِ، وَوَقَفَ عَلَيْهَا أَبُو عَمْرٍو. وَسَوْرَةُ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ الْكِسَائِيِّ بِيَاءٍ دُونَ نُونٍ، وَوَقَفَ الْجُمْهُورُ عَلَى النُّونِ اتْبَاعًا لِلرَّسْمِ. وَاعْتَلَّ لِذَلِكَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ بِمَا يُوقَفُ عَلَيْهِ فِي كَلَامِهِ وَذَلِكَ عَلَى عَادَةِ الْمُعَلِّلِينَ، وَمِمَّا جَاءَ عَلَى هَذِهِ اللُّغَةِ قول الشاعر:

وكائن فِي الْمَعَاسِرِ مِنْ أُنَاسٍ ... أخوهم فرقهم وَهُمُ كِرَامُ

وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ: وَكَائِنْ وَهِيَ أَكْثَرُ اسْتِعْمَالًا فِي لِسَانِ الْعَرَبِ وَأَشْعَارِهَا. قَالَ:

وَكَائِنْ رَدَدْنَا عَنْكُمُ مِنْ مُدَجَّجٍ وَقَرَأَ ابْنُ مُحَيْصِينٍ وَالْأَشْهَبُ الْعَقِيلِيُّ: وَكَأَيِّنْ عَلَى مِثَالِ كَعَيِّنْ. وَقَرَأَ بَعْضُ الْقُرَّاءِ مِنَ الشَّوَاذِّ كَيْئِنْ، وَهُوَ مَقْلُوبُ قِرَاءَةِ ابْنِ مُحَيْصِينٍ. وَقَرَأَ ابْنُ مُحَيْصِينٍ أَيْضًا فِيمَا حَكَاهُ الدَّانِي كَانَ عَلَى مِثَالِ كَعِ وَقَالَ الشَّاعِرُ:

كَانَ صَدِيقٌ خِلْتُهُ صَادِقَ الإخا ... أبان اختياري أَنَّهُ لِي مُدَاهِنُ

وَقَرَأَ الْحَسَنُ كَيٍّ بِكَافٍ بَعْدَهَا يَاءٌ مَكْسُورَةٌ مُنَوَّنَةٌ. وَقَدْ طَوَّلَ الْمُفَسِّرُونَ ابْنُ عَطِيَّةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>