للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ لِمَا أُبْهِمَ فِي قَوْلِهِ: نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ «١» فِي الْمِقْدَارِ وَالْأَقْرَبِينَ، بَيَّنَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْمَقَادِيرَ وَمَنْ يَرِثُ مِنَ الْأَقْرَبِينَ، وَبَدَأَ بِالْأَوْلَادِ وَإِرْثِهِمْ مِنْ وَالِدَيْهِمْ، كَمَا بَدَأَ فِي قَوْلِهِ: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ بِهِمْ. وَفِي قَوْلِهِ: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ إِجْمَالٌ أَيْضًا بَيَّنَهُ بَعْدُ. وَبَدَأَ بِقَوْلِهِ:

لِلذَّكَرِ، وَتَبَيَّنَ مَا لَهُ دَلَالَةٌ عَلَى فَضْلِهِ. وَكَانَ تَقْدِيمُ الذَّكَرِ أَدَلَّ عَلَى فَضْلِهِ مِنْ ذِكْرِ بَيَانِ نَقْصِ الْأُنْثَى عَنْهُ، وَلِأَنَّهُمْ كَانُوا يُوَرِّثُونَ الذُّكُورَ دُونَ الْإِنَاثِ، فَكَفَاهُمْ إِنْ ضُوعِفَ لَهُمْ نَصِيبُ الْإِنَاثِ فَلَا يُحْرَمْنَ إِذْ هُنَّ يُدْلِينَ بِمَا يُدْلُونَ بِهِ مِنَ الْوَلَدِيَّةِ.

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْقَوْلُ فِي سَبَبِ النُّزُولِ، وَمُضْمَنُ أَكْثَرِ تِلْكَ الْأَقَاوِيلِ: أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يُوَرِّثُونَ الْبَنَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَنَزَلَتْ تَبْيِينًا لِذَلِكَ وَلِغَيْرِهِ.

وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي جَابِرٍ إِذْ مَرِضَ، فعاده الرسول فَقَالَ: كَيْفَ أَصْنَعُ فِي مَالِي؟

وَقِيلَ: كَانَ الْإِرْثُ لِلْوَلَدِ وَالْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ، فَنُسِخَ بِهَذِهِ الْآيَاتِ. قِيلَ: مَعْنَى يُوصِيكُمْ يَأْمُرُكُمْ. كَقَوْلِهِ: ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ «٢» وعدل


(١) سورة النساء: ٤/ ٧.
(٢) سورة الأنعام: ٦/ ١٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>