للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَوَالِيقِيُّ: الْمُتَفَتِّيَةُ وَالْفَتَاةُ الْمُرَاهِقَةُ، وَالْفَتَى الرَّفِيقُ، وَمِنْهُ: وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ «١» وَالْفَتَى: الْعَبْدُ. وَمِنْهُ:

«لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ عَبْدِي وَلَا أَمَتِي وَلَكِنْ لِيَقُلْ فَتَايَ وَفَتَاتِي» .

الْمَيْلُ:

الْعُدُولُ عَنْ طَرِيقِ الِاسْتِوَاءِ. وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ قَالَ مُجَاهِدٌ وَاخْتَارَهُ أَبُو مُسْلِمِ بْنُ بَحْرٍ الْأَصْبَهَانِيُّ: هَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي النِّسَاءِ.

وَالْمُرَادُ بِالْفَاحِشَةِ هُنَا: الْمُسَاحَقَةُ، جَعَلَ حَدَّهُنَّ الْحَبْسَ إِلَى أَنْ يَمُتْنَ أَوْ يَتَزَوَّجْنَ. قَالَ:

ونزلت وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ «٢» فِي أَهْلِ اللِّوَاطِ. وَالَّتِي فِي النُّورِ: فِي الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي «٣» وَخَالَفَ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ. وَبَنَاهُ أَبُو مُسْلِمٍ عَلَى أَصْلٍ لَهُ: وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ نَاسِخٌ وَلَا مَنْسُوخٌ.

وَمُنَاسَبَةُ هَذِهِ الْآيَةِ لِمَا قَبْلَهَا أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَمَرَ بِالْإِحْسَانِ إِلَى النِّسَاءِ فَذَكَرَ إِيتَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ وَتَوْرِيثَهُنَّ، وَقَدْ كُنَّ لَا يُوَرَّثْنَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، ذَكَرَ التَّغْلِيظَ عَلَيْهِنَّ فِيمَا يَأْتِينَهُ مِنَ الْفَاحِشَةِ، وَفِي الْحَقِيقَةِ هُوَ إِحْسَانٌ إِلَيْهِنَّ، إِذْ هُوَ نَظَرٌ فِي أَمْرِ آخِرَتِهِنَّ، وَلِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ من الإحسان إليهن أن لا تُقَامَ عَلَيْهِنَّ الْحُدُودُ فَيَصِيرَ ذَلِكَ سَبَبًا لِوُقُوعِهِنَّ فِي أَنْوَاعِ الْمَفَاسِدِ.

وَلِأَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ حُدُودَهُ وَأَشَارَ بِتِلْكَ إِلَى جَمِيعِ مَا وَقَعَ مِنْ أَوَّلِ السُّورَةِ إِلَى مَوْضِعِ الْإِشَارَةِ، فَكَانَ فِي مَبْدَأِ السُّورَةِ التَّحَصُّنُ بِالتَّزْوِيجِ، وَإِبَاحَةُ مَا أَبَاحَ مِنْ نِكَاحِ أَرْبَعٍ لِمَنْ أَبَاحَ ذَلِكَ، اسْتَطْرَدَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى حُكْمِ مَنْ خَالَفَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنَ النِّكَاحِ مِنَ الزَّوَانِي، وَأَفْرَدَهُنَّ بِالذِّكْرِ أَوَّلًا، لِأَنَّهُنَّ عَلَى مَا قِيلَ أَدْخَلُ فِي بَابِ الشَّهْوَةِ مِنَ الرِّجَالِ، ثُمَّ ذَكَرَهُنَّ ثَانِيًا مَعَ الرِّجَالِ الزَّانِينَ في قوله: وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَصَارَ ذِكْرُ النِّسَاءِ الزَّوَانِي مَرَّتَيْنِ: مَرَّةً بِالْإِفْرَادِ، وَمَرَّةً بِالشُّمُولِ.

وَاللَّاتِي جَمْعٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لِلَّتِي، وَلَهَا جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ أغربها: اللاآت، وَإِعْرَابُهَا إِعْرَابُ الْهِنْدَاتِ.

وَمَعْنَى يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ: يَجِئْنَ وَيَغْشَيْنَ. وَالْفَاحِشَةُ هُنَا الزِّنَا بِإِجْمَاعٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ، إِلَّا مَا نُقِلَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَتَبِعَهُ أَبُو مُسْلِمٍ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمُسَاحَقَةُ، وَيَأْتِي الْكَلَامُ مَعَهُ فِي ذَلِكَ، وَأُطْلِقَ عَلَى الزِّنَا اسْمُ الْفَاحِشَةِ لِزِيَادَتِهَا فِي الْقُبْحِ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الْقَبَائِحِ. قِيلَ: فَإِنْ قِيلَ: الْقَتْلُ وَالْكُفْرُ أَكْبَرُ مِنَ الزِّنَا، قِيلَ: الْقُوَى الْمُدَبِّرَةُ لِلْبَدَنِ ثَلَاثٌ: النَّاطِقَةُ وَفَسَادُهَا بِالْكُفْرِ


(١) سورة الكهف: ١٨/ ٦٠.
(٢) سورة النساء: ٤/ ١٦.
(٣) سورة النور: ٢٤/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>