للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجَبَ الْبَيْعُ. وَرُوِيَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ عَنْ عُمَرَ أَيْضًا. وَأَطَالَ الْمُفَسِّرُونَ بِذِكْرِ الِاحْتِجَاجِ لِكُلٍّ مِنْ هَذِهِ الْمَذَاهِبِ، وَمَوْضُوعُ ذَلِكَ كُتُبِ الْفِقْهِ.

وَالتِّجَارَةُ اسْمٌ يَقَعُ عَلَى عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ الْمَقْصُودُ مِنْهَا طَلَبُ الْأَرْبَاحِ. وَأَنْ تَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ أَيْ: لَكِنَّ كَوْنَ تِجَارَةٍ عَنْ تَرَاضٍ غَيْرُ مَنْهِيٍّ عَنْهُ. وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ: تِجَارَةً بِالنَّصْبِ، عَلَى أَنْ تَكُونَ نَاقِصَةً عَلَى تَقْدِيرِ مُضْمَرٍ فِيهَا يَعُودُ عَلَى الْأَمْوَالِ، أَوْ يُفَسِّرُهُ التِّجَارَةُ، وَالتَّقْدِيرُ: إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْأَمْوَالُ تِجَارَةً، أَوْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: إِلَّا أَنْ تَكُونَ التِّجَارَةُ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ. كَمَا قال: إذا كان يوماذا كَوْكَبٍ أَشْنَعَا. أَيْ إِذَا كان هواي اليوم يوماذا كَوْكَبٍ. وَاخْتَارَ قِرَاءَةَ الْكُوفِيِّينَ أَبُو عُبَيْدٍ، وَقَرَأَ بَاقِي السَّبْعَةِ: تِجَارَةٌ بِالرَّفْعِ، عَلَى أَنَّ كَانَ تَامَّةٌ. وَقَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: الْأَكْثَرُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَنْ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ تَكُونَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ بِغَيْرِ ضَمِيرٍ فِيهَا عَلَى مَعْنَى يَحْدُثُ أَوْ يَقَعُ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِاخْتِيَارِ أَبِي عُبَيْدٍ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: تَمَامُ كَانَ يَتَرَجَّحُ عِنْدَ بَعْضٍ لِأَنَّهَا صِلَةٌ، فَهِيَ مَحْطُوطَةٌ عَنْ دَرَجَتِهَا إِذَا كَانَتْ سَلِيمَةً مِنْ صِلَةٍ وَغَيْرِهَا، وَهَذَا تَرْجِيحٌ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَلَكِنَّهُ حَسَنٌ انْتَهَى مَا ذَكَرَهُ. وَيَحْتَاجُ هَذَا الْكَلَامُ إِلَى فِكْرٍ، وَلَعَلَّهُ نَقَصَ مِنَ النُّسْخَةِ شَيْءٌ يَتَّضِحُ بِهِ هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي أراده. وعن تَرَاضٍ: صِفَةٌ لِلتِّجَارَةِ أَيْ: تِجَارَةٌ صَادِرَةٌ عَنْ تَرَاضٍ.

وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ظَاهِرُهُ النَّهْيُ عَنْ قَتْلِ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْجَهَلَةِ بِقَصْدٍ مِنْهُ، أَوْ بِحَمْلِهَا عَلَى غَرَرٍ يَمُوتُ بِسَبَبِهِ، كَمَا يَصْنَعُ بَعْضُ الْفُتَّاكِ بِالْمُلُوكِ، فَإِنَّهُمْ يَقْتُلُونَ الْمَلِكَ وَيُقْتَلُونَ بِلَا شَكٍّ. وَقَدِ احْتَجَّ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ بِهَذِهِ الْآيَةِ حِينَ امْتَنَعَ مِنَ الِاغْتِسَالِ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ، وَأَقَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتِجَاجَهُ. وَقِيلَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى:

لَا تَفْعَلُوا مَا تَسْتَحِقُّونَ بِهِ الْقَتْلَ مِنَ الْقَتْلِ وَالرِّدَّةِ وَالزِّنَا بَعْدَ الْإِحْصَانِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَأَجْمَعُ الْمُتَأَوِّلُونَ أَنَّ الْقَصْدَ النَّهْيُ عَنْ أَنْ يَقْتُلَ بَعْضُ النَّاسِ بَعْضًا. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ عَنِ الْحَسَنِ:

إِنَّ الْمَعْنَى لَا تَقْتُلُوا إِخْوَانَكُمُ انْتَهَى. وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى أَضَافَ الْقَتْلَ إِلَى أَنْفُسِهِمْ لِأَنَّهُمْ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، أَوْ مِنْ جَوْهَرٍ وَاحِدٍ. وَلِأَنَّهُ إِذَا قَتَلَ قَتَلَ عَلَى سَبِيلِ الْقِصَاصِ، وَكَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي قَتَلَ نَفْسَهُ. وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ مِنْ إِجْمَاعِ الْمُتَأَوِّلِينَ ذَكَرَ غَيْرُهُ فِيهِ الْخِلَافَ. قَالَ مَا مُلَخَّصُهُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ حَقِيقَةُ الْقَتْلِ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: لَا يَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: لَا يَقْتُلْ أَحَدٌ نَفْسَهُ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ، أَوْ ظُلْمٍ أَصَابَهُ، أَوْ جُرْحٍ أَخْرَجَهُ عَنْ حَدِّ الِاسْتِقَامَةِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ مَجَازُ الْقَتْلِ أَيْ: يَأْكُلُ الْمَالَ بِالْبَاطِلِ، أَوْ بِطَلَبِ الْمَالِ وَالِانْهِمَاكِ فِيهِ، أَوْ يَحْمِلُ نَفْسَهُ عَلَى الْغَرَرِ الْمُؤَدِّي إِلَى الهلاك، أو يفعل هَذِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>