وَالطَّاغُوتُ الشَّيْطَانُ قَالَهُ: الزَّمَخْشَرِيُّ. أَوِ الْجِبْتُ وَالطَّاغُوتُ كُلُّ مَعْبُودٍ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ حَجَرٍ، أَوْ صُورَةٍ، أَوْ شَيْطَانٍ قَالَهُ: الزَّجَّاجُ، وَابْنُ قُتَيْبَةَ.
وَأَوْرَدَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ الْخِلَافَ مُفَرَّقًا فَقَالَ: الْجِبْتُ السِّحْرُ قَالَهُ: عُمَرُ، وَمُجَاهِدٌ، وَالشَّعْبِيُّ. أَوِ الْأَصْنَامُ رَوَاهُ عَطِيَّةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ الضَّحَّاكُ، وَالْفَرَّاءُ، أَوْ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ. رَوَاهُ الضَّحَّاكُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَلَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ. أَوِ الْكَاهِنُ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ: مَكْحُولٌ، وَابْنُ سِيرِينَ. أَوِ الشَّيْطَانُ قَالَهُ: ابْنُ جُبَيْرٍ فِي رِوَايَةٍ، وَقَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ أَوِ السَّاحِرُ قَالَهُ: أَبُو الْعَالِيَةِ وَابْنُ زَيْدٍ. وَرَوَى أَبُو بِشْرٍ عَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: الْجِبْتُ السَّاحِرُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ، وَأَمَّا الطَّاغُوتُ فَالشَّيْطَانُ قَالَهُ: عُمَرُ، وَمُجَاهِدٌ فِي رِوَايَةِ الشَّعْبِيِّ وَابْنُ زَيْدٍ. أَوِ الْمُتَرْجِمُونَ بَيْنَ يَدَيِ الْأَصْنَامِ رَوَاهُ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَوْ كَعْبٍ، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَبِهِ قَالَ: الضَّحَّاكُ، وَالْفَرَّاءُ. أَوِ الْكَاهِنُ قَالَهُ عِكْرِمَةُ أَوِ السَّاحِرُ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَمَكْحُولٍ، أَوْ كُلِّ مَا عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَهُ: مَالِكٌ. وَقَالَ قَوْمٌ: الْجِبْتُ وَالطَّاغُوتُ مُتَرَادِفَانِ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ، وَالْجُمْهُورُ وَأَقْوَالُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، وَأَنَّهُمَا اثْنَانِ. وَقَدْ جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَلَامَ عَلَى الْمُغَيَّبَاتِ جِبْتًا لِكَوْنِ عَلِمَ الْغَيْبِ يَخْتَصُّ بِاللَّهِ تَعَالَى.
خَرَّجَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الطَّرْقُ وَالطِّيَرَةُ وَالْعِيَافَةُ مِنَ الْجِبْتِ»
الطَّرْقُ الزَّجْرُ، وَالْعِيَافَةُ الْخَطُّ. فَإِنَّ الْجِبْتَ وَالطَّاغُوتَ الْأَصْنَامُ أَوْ مَا عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ، فَالْإِيمَانُ بِهِمَا التَّصْدِيقُ بِأَنَّهُمَا آلِهَةٌ يَشْرَكُونَهُمَا فِي الْعِبَادَةِ مَعَ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ حُيَيًّا، وَكَعْبًا، أَوْ جَمَاعَةً مِنَ الْيَهُودِ، أَوِ السَّاحِرَ، أَوِ الْكَاهِنَ، أَوِ الشَّيْطَانَ، فَالْإِيمَانُ بِهِمْ عِبَارَةٌ عَنْ طَاعَتِهِمْ وَمُوَافَقَتِهِمْ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ، وَيَكُونُ مِنْ بَابِ إِطْلَاقِ ثَمَرَةِ الْإِيمَانِ وَهِيَ الطَّاعَةُ عَلَى الْإِيمَانِ.
وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا الضَّمِيرُ فِي: يَقُولُونَ عَائِدٌ عَلَى الَّذِينَ أُوتُوا. وَفِي سَبَبِ النُّزُولِ أَنَّ كَعْبًا هُوَ قَائِلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ، وَالْجُمْلَةُ مِنْ يُؤْمِنُونَ حَالٌ، وَيَقُولُونَ مَعْطُوفٌ عَلَى يُؤْمِنُونَ فَهِيَ حَالٌ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اسْتِئْنَافَ أَخْبَارٍ تُبَيِّنُ التَّعَجُّبَ مِنْهُمْ كَأَنَّهُ قَالَ: أَلَا تَعْجَبُ إِلَى حَالِ الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا، فَكَأَنَّهُ قِيلَ: وَمَا حَالُهُمْ وَهُمْ قَدْ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ؟ فَقَالَ: يُؤْمِنُونَ بِكَذَا، وَيَقُولُونَ كَذَا. أَيْ: أَنَّ أَحْوَالَهُمْ مُتَنَافِيَةٌ.
فَكَوْنُهُمْ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَقْتَضِي لَهُمْ أَنْ لَا يَقَعُوا فِيمَا وَقَعُوا فِيهِ، وَلَكِنَّ الْحَامِلَ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ هُوَ الْحَسَدُ. وَاللَّامُ فِي لِلَّذِينِ كَفَرُوا لِلتَّبْلِيغِ مُتَعَلِّقَةٌ بِيَقُولُونَ. وَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمْ قُرَيْشٌ، وَالْإِشَارَةُ بِهَؤُلَاءِ إِلَيْهِمْ، وَالَّذِينَ آمَنُوا هُمُ النَّبِيُّ وَأُمَّتُهُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ أَطْلَقُوا أَفْعَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute