للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسْتُحِبَّتْ لَهُ، وَمَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى إِظْهَارِ دِينِهِ وَلَا عَلَى الْحَرَكَةِ كَالشَّيْخِ الْفَانِي وَالزَّمِنِ، لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ.

فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً أَيْ. فَإِنْ تَوَلَّوْا عَنِ الْإِيمَانِ الْمُظَاهَرِ بِالْهِجْرَةِ الصَّحِيحَةِ فَحُكْمُهُمْ حُكْمُ الْكُفَّارِ يُقْتَلُونَ حَيْثُ وُجِدُوا فِي حِلٍّ وَحَرَمٍ، وَجَانِبُوهُمْ مُجَانَبَةً كُلِّيَّةً، وَلَوْ بَذَلُوا لَكُمُ الْوِلَايَةَ وَالنُّصْرَةَ فَلَا تَقْبَلُوا مِنْهُمْ.

إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ: فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ، وَالْوُصُولُ هُنَا:

الْبُلُوغُ إِلَى قَوْمٍ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ يَنْتَسِبُونَ قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ. وَأَنْشَدَ الْأَعْشَى:

إِذَا اتَّصَلَتْ قَالَتْ لِبَكْرِ بْنِ وَائِلٍ ... وَبَكْرٌ سَبَتْهَا وَالْأُنُوفُ رَوَاغِمُ

وَقَالَ النَّحَّاسُ: هَذَا غَلَطٌ عَظِيمٌ، لِأَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ تَعَالَى حَظَرَ أَنْ يُقَاتَلَ أَحَدٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ نَسَبٌ وَالْمُشْرِكُونَ قَدْ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ السَّابِقِينَ أَنْسَابٌ. يَعْنِي:

وَقَدْ قَاتَلَ الرَّسُولُ وَمَنْ مَعَهُ مَنِ انْتَسَبَ إِلَيْهِمْ بِالنَّسَبِ الْحَقِيقِيِّ، فَضْلًا عَنْ الِانْتِسَابِ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَأَشَدُّ مِنْ هَذَا الْجَهْلِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ كَانَ ثُمَّ نُسِخَ، لِأَنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ النَّاسِخَ لَهُ بَرَاءَةٌ، وَإِنَّمَا نَزَلَتْ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَبَعْدَ أَنِ انْقَطَعَتِ الْحُرُوبُ، وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ الطَّبَرِيُّ.

وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: حَمَلَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مَعْنَى يَنْتَسِبُونَ عَلَى الْأَمَانِ، أَوْ أَنْ يَنْتَسِبَ إِلَى أَهْلِ الْأَمَانِ، لَا عَلَى مَعْنَى النَّسَبِ الَّذِي هُوَ الْقَرَابَةُ انْتَهَى. قَالَ عِكْرِمَةُ: إِلَى قَوْمٍ هُمْ قَوْمُ هِلَالِ بْنِ عُوَيْمِرٍ الْأَسْلَمِيِّ، وَادَعَ الرَّسُولَ عَلَى أَنْ لَا يُعِينَهُ وَلَا يُعِينَ عَلَيْهِ، وَمَنْ لَجَأَ إِلَيْهِمْ فَلَهُ مِثْلُ مَا لِهِلَالٍ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُمْ بَنُو بَكْرِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ. وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُمْ خُزَاعَةُ وَذُو خُزَاعَةَ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: خُزَاعَةُ وَبَنُو مُدْلِجٍ.

وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: كَانَ هَذَا الْحُكْمُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَحْكِمَ أَمْرُ الطَّاعَةِ مِنَ النَّاسِ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ هَادَنَ مِنَ الْعَرَبِ قَبَائِلَ كَرَهْطِ هِلَالِ بْنِ عُوَيْمِرٍ الْأَسْلَمِيِّ، وَسُرَاقَةَ بْنِ مالك بني جُعْشُمٍ، وَخُزَيْمَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، فَقَضَتْ هَذِهِ الْآيَةُ أَنَّهُ مَنْ وَصَلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَا عَهْدَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ إِلَى هَؤُلَاءِ أَهْلِ الْعَهْدِ، وَدَخَلَ فِي عِدَادِهِمْ، وَفَعَلَ فِعْلَهُمْ مِنَ الْمُوَادَعَةِ، وَفَعَلَ فِعْلَهُمْ مِنَ الْمُوَادَعَةِ، فَلَا سَبِيلَ عَلَيْهِ

. قَالَ عِكْرِمَةُ وَالسُّدِّيُّ وَابْنُ زَيْدٍ: ثُمَّ لَمَّا تَقَوَّى الْإِسْلَامُ

<<  <  ج: ص:  >  >>