للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَثَبَّتْ فِي أَمْرِكَ. وَقَدْ جَاءَ إِنَّ التَّبَيُّنَ مِنَ اللَّهِ، وَالْعَجَلَةُ مِنَ الشيطان، وَمُقَابَلَةُ الْعَجَلَةِ بِالتَّبَيُّنِ دَلَالَةٌ عَلَى تَقَارُبِ اللَّفْظَيْنِ.

وَالْأَكْثَرُونَ على أنّ القاتل هو مُحَلَّمٌ، وَالْمَقْتُولَ عَامِرٌ كَمَا ذَكَرْنَا، وَكَذَا هُوَ فِي سِيَرِ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَمُصَنَّفِ أَبِي دَاوُدَ، وَفِي الِاسْتِيعَابِ. وَقِيلَ: الْمَقْتُولُ مِرْدَاسٌ، وَقَاتِلُهُ أُسَامَةُ.

وَقِيلَ: قَاتِلُهُ غَالِبُ بْنُ فَضَالَةَ اللِّيثِيُّ. وَقِيلَ: الْقَاتِلُ أَبُو الدَّرْدَاءِ. وَقِيلَ: أَبُو قَتَادَةَ.

وَقَرَأَ عَاصِمٌ، وَأَبُو عَمْرٍو، وَابْنُ كَثِيرٍ، وَالْكِسَائِيُّ، وَحَفْصٌ، السَّلَامَ بِأَلِفٍ. قَالَ الزَّجَّاجُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى التَّسْلِيمِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الِاسْتِسْلَامِ. وَقَرَأَ نَافِعٌ، وَابْنُ عَامِرٍ، وَحَمْزَةُ، وَابْنُ كَثِيرٍ. مِنْ بَعْضِ طُرُقِهِ، وَجَبَلَةُ عَنِ الْمُفَضَّلِ عَنْ عَاصِمٍ: بِفَتْحِ السِّينِ وَاللَّامِ مِنْ غَيْرِ أَلِفٍ، وَهُوَ مِنَ الِاسْتِسْلَامِ. وَقَرَأَ أَبَانُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمٍ: بِكَسْرِ السِّينِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ، وَهُوَ الِانْقِيَادُ وَالطَّاعَةُ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالسَّلَامِ الِانْحِيَازُ وَالتَّرْكُ، قَالَ الْأَخْفَشُ: يُقَالُ فُلَانٌ سَلَامٌ إِذَا كَانَ لَا يُخَالِطُ أَحَدًا. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ: أَيْ لَا تَقُولُوا لِمَنِ اعْتَزَلَكُمْ وَلَمْ يُقَاتِلْكُمْ لَسْتَ مُؤْمِنًا، وَأَصْلُهُ مِنَ السَّلَامَةِ، لِأَنَّ الْمُعْتَزِلَ عَنِ النَّاسِ طَالِبٌ لِلسَّلَامَةِ. وَقَرَأَ الْجَحْدَرِيُّ: بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ اللَّامِ. وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ: مَأْمَنًا بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ: لَا نُؤَمِّنُكَ فِي نَفْسِكَ، وَهِيَ قِرَاءَةُ: عَلِيٌّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَعِكْرِمَةُ، وَأَبِي الْعَالِيَةِ، وَيَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ. وَمَعْنَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ لَيْسَ لِإِيمَانِكَ حَقِيقَةٌ أَنَّكَ أَسْلَمْتَ خَوْفًا مِنَ الْقَتْلِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ: حَكَمَ تَعَالَى بِصِحَّةِ إِسْلَامِ مَنْ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ، وَأَمَرَ بِإِجْرَائِهِ عَلَى أَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ كَانَ فِي الْغَيْبِ عَلَى خِلَافِهِ. وَهَذَا مِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ عَلَى تَوْبَةِ الزِّنْدِيقِ إِذَا أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ، فَهُوَ مُسْلِمٌ انْتَهَى. وَالْغَرَضُ هُنَا هُوَ مَا كَانَ مَعَ الْمَقْتُولِ مِنْ غَنِيمَةٍ، أَوْ مِنْ حَمْلٍ، وَمَتَاعٍ، عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي فِي سَبَبِ النُّزُولِ. وَالْمَعْنَى: تَطْلُبُونَ الْغَنِيمَةَ الَّتِي هِيَ حُطَامٌ سَرِيعُ الزَّوَالِ. وَتَبْتَغُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ: وَلَا تَقُولُوا، وَفِي ذَلِكَ إِشْعَارٌ بِأَنَّ الدَّاعِيَ إِلَى تَرْكِ التَّثَبُّتِ أَوِ التَّبَيُّنِ هُوَ طَلَبُكُمْ عَرَضَ الدُّنْيَا، فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ هَذِهِ عِدَّةٌ بِمَا يُسْنِي اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ مِنَ الْغَنَائِمِ عَلَى وَجْهِهَا مِنْ حِلٍّ دُونَ ارْتِكَابِ مَحْظُورٍ بِشُبْهَةٍ وَغَيْرِ تَثَبُّتٍ، قَالَهُ الْجُمْهُورُ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: أَرَادَ مَا أَعَدَّهُ تَعَالَى لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ مِنَ جَزِيلِ الثَّوَابِ وَالنَّعِيمِ الدَّائِمِ الَّذِي هُوَ أَجَلُّ الْمَغَانِمِ.

كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا قَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: مَعْنَاهُ كُنْتُمْ مُسْتَخْفِينَ مِنْ قَوْمِكُمْ بِإِسْلَامِكُمْ، خَائِفِينَ مِنْهُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ بِإِعْزَازِ دِينِكُمْ، فَهُمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>