للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ الظَّاهِرُ: أَنَّ مَعْنَى قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ أَيَّ فَرَغْتُمْ مِنْهَا، وَالصَّلَاةُ هُنَا صَلَاةُ الْخَوْفِ، وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ، وَكَذَا فَسَّرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَالذِّكْرُ الْمَأْمُورُ بِهِ هُنَا هُوَ الذِّكْرُ بِاللِّسَانِ إِثْرَ صَلَاةِ الْخَوْفِ عَلَى حَدِّ مَا أُمِرُوا بِهِ عِنْدَ قَضَاءِ الْمَنَاسِكِ بِذِكْرِ اللَّهِ، فَأُمِرُوا بِذِكْرِ اللَّهِ مِنَ: التَّهْلِيلِ، وَالتَّكْبِيرِ، وَالتَّسْبِيحِ، وَالدُّعَاءِ بِالنَّصْرِ، وَالتَّأْيِيدِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ فَإِنَّ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ ارْتِقَابِ مُقَارَعَةِ الْعَدُوِّ، حَقِيقٌ بِالذِّكْرِ، وَالِالْتِجَاءِ إِلَى اللَّهِ. أَيْ: فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ أَيْ أَتِمُّوهَا.

وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ مَعْنَى قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ: تَلَبَّسْتُمْ بِالصَّلَاةِ وَشَرَعْتُمْ فِيهَا. وَمَعْنَى الْأَمْرِ بِالذِّكْرِ أَيْ:

صَلُّوهَا قِيَامًا فِي حَالِ الْمُسَايَفَةِ وَالِاخْتِلَاطِ، وَقُعُودًا جَاثِينَ عَلَى الرُّكَبِ مِنْ أَنِينٍ، وَعَلَى جُنُوبِكُمْ مُثْخَنِينَ بِالْجِرَاحِ، فَهِيَ هَيْآتٌ لِأَحْوَالٍ عَلَى حَسَبِ تَفْصِيلِهَا. فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ حِينَ تَضَعُ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا وَآمَنْتُمْ، فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ أَيْ: فَاقْضُوا مَا صَلَّيْتُمْ فِي تِلْكَ الْأَحْوَالِ الَّتِي هِيَ أَحْوَالُ الْقَلَقِ وَالِانْزِعَاجِ، وَبِهَذَا الْوَجْهِ بَدَأَ الزَّمَخْشَرِيُّ وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ.

قَالَ: وَهَذَا ظَاهِرٌ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فِي إِيجَابِهِ الصَّلَاةَ عَلَى الْمُحَارِبِ فِي حَالِ الْمُسَايَفَةِ، وَالْمَشْيِ وَالِاضْطِرَابِ فِي الْمَعْرَكَةِ إِذَا حَضَرَ وَقْتُهَا، فَإِذَا اطْمَأَنَّ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>