سَهْلٍ؟ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ: وَكَانَ يَهُودِيًّا. وَذَكَرَ الْمَهْدَوِيُّ أَنَّهُ كَانَ مُسْلِمًا. وَأَدْخَلَهُ أَبُو عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ، فَدَلَّ عَلَى إِسْلَامِهِ كَمَا ذَكَرَ الْمَهْدَوِيُّ. وَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ هَرَبَ طُعْمَةُ إِلَى مَكَّةَ وَارْتَدَّ، وَنَزَلَ عَلَى سُلَافَةَ فَرَمَاهَا حَسَّانُ بِهِ فِي شِعْرٍ قَالَهُ وَمِنْهُ:
وَقَدْ أَنْزَلَتْهُ بِنْتُ سَعْدٍ وَأَصْبَحَتْ ... يُنَازِعُهَا جِلْدَ اسْتِهَا وَتُنَازِعُهْ
ظَنَنْتُمْ بِأَنْ يَخْفَى الَّذِي قَدْ صَنَعْتُمُو ... وَفِينَا نَبِيٌّ عِنْدَهُ الْوَحْيُ وَاضِعُهْ
فَأَخْرَجَتْهُ وَرَمَتْ رَحْلَهُ خَارِجَ الْمَنْزِلِ وَقَالَتْ: مَا كُنْتَ تَأْتِينِي بِخَيْرٍ أَهْدَيْتَ لِي شَعْرَ حِسَانَ، فَنَزَلَ عَلَى الْحَجَّاجِ بْنِ عِلَاطٍ وَسَرَقَهُ فَطَرَدَهُ، ثُمَّ نَقَبَ بَيْتًا لِيَسْرِقَ مِنْهُ فَسَقَطَ الْحَائِطُ عَلَيْهِ فَمَاتَ. وَقِيلَ: اتَّبَعَ قَوْمًا مِنَ الْعَرَبِ فَسَرَقَهُمْ فَقَتَلُوهُ.
وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً أَيِ: اسْتَغْفِرْ لِأُمَّتِكَ الْمُذْنِبِينَ الْمُتَخَاصِمِينَ بِالْبَاطِلِ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ مِمَّا هَمَمْتَ بِهِ مِنْ عِقَابِ الْيَهُودِيِّ. وَقَالَ الطَّبَرِيُّ وَالزَّجَّاجُ: وَاسْتَغْفَرِ اللَّهَ أَيْ مِنْ ذَنْبِكَ فِي خِصَامِكَ لِأَجْلِ الْخَائِنِينَ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا لَيْسَ بِذَنْبٍ، لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّمَا دَافَعَ عَلَى الظَّاهِرِ وَهُوَ يَعْتَقِدُ بَرَاءَتَهُمْ انْتَهَى. وَقِيلَ: هُوَ أَمْرٌ بِالِاسْتِغْفَارِ عَلَى سَبِيلِ التَّسْبِيحِ مِنْ غَيْرِ ذَنْبٍ أَوْ قَصْدِ تَوْبَةٍ، كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ: اسْتَغْفِرِ اللَّهَ. وَقِيلَ: الْخِطَابُ صُورَةٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، وَالْمُرَادُ بَنُو أُبَيْرِقٍ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ مِمَّا هَمَمْتَ بِهِ قَبْلَ النُّبُوَّةِ.
وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ
هَذَا عَامٌّ يَنْدَرِجُ فِيهِ أَصْحَابُ النَّازِلَةِ وَيَتَقَرَّرُ بِهِ تَوْبِيخُهُمْ. وَاخْتِيَانُ الْأَنْفُسِ هُوَ مِمَّا يَعُودُ عَلَيْهَا مِنَ الْعُقُوبَةِ فِي الْآخِرَةِ وَالدُّنْيَا، كَمَا جَاءَ نِسْبَةُ ظُلْمِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ. وَالنَّهْيُ عَنِ الشَّيْءِ لَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْمَنْهِيُّ مُلَابِسًا لِلْمَنْهِيِّ عَنْهُ.
وَرَوَى الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم خَاصَمَ عَنْ طُعْمَةَ، وَقَامَ يَعْذُرُ خَطِيبًا.
وَرَوَى قَتَادَةُ وَابْنُ جُبَيْرٍ: أَنَّهُ هَمَّ بِذَلِكَ وَلَمْ يَفْعَلْهُ.
إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناً أَثِيماً
أَتَى بِصِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ فِي الْخِيَانَةِ وَالْإِثْمِ لِيُخْرِجَ مِنْهُ مَنْ وَقَعَ مِنْهُ الْمَرَّةَ، وَمَنْ صَدَرَتْ مِنْهُ الْخِيَانَةُ عَلَى سَبِيلِ الْغَفْلَةِ وَعَدَمِ الْقَصْدِ. وَفِي صِفَتِي الْمُبَالَغَةِ دَلِيلٌ عَلَى إِفْرَاطِ طُعْمَةَ فِي الْخِيَانَةِ وَارْتِكَابِ الْمَآثِمِ. وَقِيلَ: إِذَا عَثَرْتَ مِنْ رَجُلٍ سَيِّئَةً فَاعْلَمْ أَنَّ لَهَا أَخَوَاتٍ. وَعَنْ عُمَرَ أَنَّهُ أَمَرَ بِقَطْعِ يَدِ سَارِقٍ، فَجَاءَتْ أُمُّهُ تَبْكِي وَقَالَتْ: هَذِهِ أَوَّلُ سَرِقَةٍ سَرَقَهَا فَاعْفُ عَنْهُ فَقَالَ: كَذَبْتِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُؤَاخِذُ عَبْدَهُ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ.