وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً رَوَى ابْنُ بَكَّارٍ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ وَلَا يَجِدُ بِالرَّفْعِ عَلَى الْقَطْعِ.
وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ مِنَ الْأُولَى هِيَ لِلتَّبْعِيضِ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ عَمَلِ كُلِّ الصَّالِحَاتِ، وَإِنَّمَا يَعْمَلُ مِنْهَا مَا هُوَ تَكْلِيفُهُ وَفِي وُسْعِهِ. وَكَمْ مُكَلَّفٍ لَا يَلْزَمُهُ زَكَاةٌ وَلَا حَجٌّ وَلَا جِهَادٌ، وَسَقَطَتْ عَنْهُ الصَّلَاةُ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ عَلَى بَعْضِ الْمَذَاهِبِ. وَحَكَى الطَّبَرِيُّ عَنْ قَوْمٍ: أَنَّ مِنْ زَائِدَةٌ، أَيْ: وَمَنْ يَعْمَلِ الصَّالِحَاتِ. وَزِيَادَةُ مِنْ فِي الشَّرْطِ ضَعِيفٌ، وَلَا سِيَّمَا وَبَعْدَهَا مَعْرِفَةٌ. ومن الثَّانِيَةُ لِتَبْيِينِ الْإِبْهَامِ فِي: وَمَنْ يَعْمَلْ. وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ في أوفى قَوْلِهِ: لَا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى «١» وَهُوَ مُؤْمِنٌ. جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ، وَقَيَّدَ فِي عَمَلِ الْإِنْسَانِ لِأَنَّهُ لَوْ عَمِلَ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ مَا عَمِلَ فَلَا يَنْفَعُهُ إِلَّا أَنْ كَانَ مُؤْمِنًا. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَإِذَا أَبْطَلَ اللَّهُ الْأَمَانِيَّ وَأَثْبَتَ أَنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ مَعْقُودٌ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ وَأَنَّ مَنْ أَصْلَحَ عَمَلَهُ فَهُوَ الْفَائِزُ، وَمَنْ أَسَاءَ عَمَلَهُ فَهُوَ الْهَالِكُ، تَبَيَّنَ الْأَمْرُ وَوَضَحَ، وَوَجَبَ قَطْعُ الْأَمَانِيِّ وَحَسْمُ الْمَطَامِعِ، وَالْإِقْبَالُ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَلَكِنَّهُ نُصْحٌ لَا تَعِيهِ الْآذَانُ، وَلَا تُلْقَى إِلَيْهِ الْأَذْهَانُ انْتَهَى. وَالَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ الْآيَةُ أَنَّ الْإِيمَانَ شَرْطٌ فِي الِانْتِفَاعِ بِالْعَمَلِ، لِأَنَّ الْعَمَلَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْإِيمَانِ.
وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً ظَاهِرُهُ: أَنَّهُ يَعُودُ إِلَى أَقْرَبِ مَذْكُورٍ وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ، وَيَكُونُ حُكْمُ الْكُفَّارِ كَذَلِكَ. إِذْ ذِكْرُ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ يَدُلُّ عَلَى الْآخَرِ، أَنَّ كِلَاهُمَا يُجْزَى بِعَمَلِهِ، وَلِأَنَّ ظُلْمَ الْمُسِيءِ أَنَّهُ يُزَادُ فِي عِقَابِهِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ تَعَالَى لَا يَزِيدُ فِي عِقَابِ الْمُجْرِمِ، فَكَانَ ذِكْرُهُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ. وَالْمُحْسِنُ لَهُ ثَوَابٌ، وَتَوَابِعُ لِلثَّوَابِ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ هِيَ فِي حُكْمِ الثَّوَابِ، فَجَازَ أَنْ يَنْقُصَ مِنَ الْفَضْلِ. فَنَفْيُ الظُّلْمِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقَعُ نَقْصٌ فِي الْفَضْلِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ فِي: وَلَا يُظْلَمُونَ إِلَى الْفَرِيقَيْنِ، عَامِلُ السُّوءِ، وَعَامِلُ الصَّالِحَاتِ. وَقَرَأَ:
يُدْخَلُونَ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ هُنَا، وَفِي مَرْيَمَ، وَأَوَّلَيْ غَافِرٍ بن كثير وأبو عمرو أبو بَكْرٍ. وَقَرَأَ كَذَلِكَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو بَكْرٍ فِي ثَانِيَةِ غَافِرٍ. وَقَرَأَ كَذَلِكَ أَبُو عَمْرٍو فِي فَاطِرٍ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ.
وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى نَحْوِهِ فِي قَوْلَيْنِ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ محسن.
(١) سورة آل عمران: ٣/ ١٩٥.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute