الْكَسَلُ: التَّثَاقُلُ، وَالتَّثَبُّطُ، وَالْفُتُورُ عَنِ الشَّيْءِ. وَيُقَالُ: أَكْسَلَ الرَّجُلُ إِذَا جَامَعَ فَأَدْرَكَهُ الْفُتُورُ وَلَمْ يُنْزِلْ. الذَّبْذَبَةُ: الِاضْطِرَابُ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى عَلَى حَالٍ، قَالَهُ: ابْنُ عَرَفَةَ وَالتَّرَدُّدُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ. وَقَالَ النَّابِغَةُ:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَعْطَاكَ سُورَةً ... تَرَى كُلَّ مُلْكٍ دُونَهَا يَتَذَبْذَبُ
وَقَالَ آخَرُ:
خَيَالٌ لِأُمِّ السَّلْسَبِيلِ وَدُونَهَا ... مَسِيرَةَ شَهْرٍ لِلْبَرِيدِ الْمُذَبْذَبِ
بِكَسْرِ الثَّانِيَةِ. قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: أَيِ الْقَلَقُ الَّذِي لَا يَثْبُتُ. قِيلَ: وَأَصْلُهُ الذَّبُّ، وَهُوَ ثُلَاثِيُّ الْأَصْلِ ضُعِّفَ فَقِيلَ: ذَبَبَ، ثُمَّ أُبْدِلَ مِنْ أَحَدِ الْمُضَعَّفَيْنِ وَهِيَ الْبَاءُ الثَّانِيَةُ ذَالًا فَقِيلَ ذَبْذَبَ، وَهَذَا عَلَى أَصْلِ الْكُوفِيِّينَ. وَأَمَّا الْبَصْرِيُّونَ فَهُوَ عِنْدَهُمْ رُبَاعِيٌّ كَدَحْرَجَ.
إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ
تَقَدَّمَ تَفْسِيرٌ يُخَادِعُونَ اللَّهَ فِي أَوَّلِ الْبَقَرَةِ. وَمَعْنَى وَهُوَ خَادِعُهُمْ: أَيْ مُنْزِلٌ الْخِدَاعَ بِهِمْ، وَهَذِهِ عِبَارَةٌ عَنْ عُقُوبَةٍ سَمَّاهَا بِاسْمِ الذَّنْبَ. فَعُقُوبَتُهُمْ فِي الدُّنْيَا ذُلُّهُمْ وَخَوْفُهُمْ، وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابُ جَهَنَّمَ قَالَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ. وَقَالَ الْحَسَنُ، وَالسُّدِّيُّ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ: هَذَا الْخِدَاعُ هُوَ أَنَّهُ تَعَالَى يُعْطِي هَذِهِ الْأُمَّةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نُورًا لِكُلِّ إِنْسَانٍ مُؤْمِنٍ أَوْ مُنَافِقٍ، فَيَفْرَحُ الْمُنَافِقُونَ وَيَظُنُّونَ أَنَّهُمْ قَدْ نَجَوْا، فإذا جاؤوا إِلَى الصِّرَاطِ طُفِئَ نُورُ كُلِّ مُنَافِقٍ، وَنَهَضَ الْمُؤْمِنُونَ. وَذَلِكَ قَوْلُ الْمُنَافِقِينَ: انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ وَذَلِكَ هُوَ الْخِدَاعُ الَّذِي يَجْرِي عَلَى الْمُنَافِقِينَ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَهُوَ خَادِعُهُمْ، وَهُوَ فَاعِلٌ بِهِمْ مَا يَفْعَلُ الْغَالِبُ فِي الْخِدَاعِ، حَيْثُ تَرَكَهُمْ مَعْصُومِينَ الدِّمَاءَ وَالْأَمْوَالَ فِي الدُّنْيَا، وَأَعَدَّ لَهُمُ الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ فِي الْآخِرَةِ، وَلَمْ يُخْلِهِمْ فِي الْعَاجِلِ مِنْ فَضِيحَةٍ وَإِحْلَالِ بَأْسٍ وَنِقْمَةٍ وَرُعْبٍ دَائِمٍ. وَالْخَادِعُ مِنْ خَدَعْتُهُ إِذَا غَلَبْتَهُ، وَكُنْتَ أَخْدَعَ مِنْهُ انْتَهَى. وَبَعْضُهُ مُسْتَرَقٌ مِنْ كَلَامِ الزَّجَّاجِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: لَمَّا أَمَرَ بِقَبُولِ مَا أَظْهَرُوا كَانَ خَادِعًا لَهُمْ بِذَلِكَ. وَقَرَأَ مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّحْوِيُّ: خَادِعْهُمْ بِإِسْكَانِ الْعَيْنِ عَلَى التَّخْفِيفِ. استثقال الْخُرُوجِ مِنْ كَسْرٍ إِلَى ضَمٍّ. وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى خَبَرِ إِنَّ. وَقَالَ أَبُو الْبَقَاءِ: هُوَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ.
وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى
أَيْ مُتَوَانِينَ لَا نَشَاطَ لَهُمْ فِيهَا، لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا يُصَلُّونَ تَسَتُّرًا وَتَكَلُّفًا، وَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَتَحَرَّزَ مِنْ هَذِهِ الْخَصْلَةِ الَّتِي ذَمَّ الْمُنَافِقُونَ، وَأَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute