للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَاوُ. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: كَمَا قَالُوا طَرِيقٌ وَطُرُوقٌ، وَكَرَوَانٌ وَكُرُوَانٌ، وَوَرَشَانُ وَوُرُشَانٌ، مِمَّا يُجْمَعُ بِحَذْفِ الزِّيَادَةِ. وَيُقَوِّي هَذَا التَّوْجِيهَ أَنَّ التَّكْسِيرَ مِثْلُ التَّصْغِيرِ، وَقَدِ اطَّرَدَ هَذَا الْمَعْنَى فِي تَصْغِيرِ التَّرْخِيمِ نَحْوَ أَزْهَرَ وزهير، والحرث وَحُرَيْثٍ، وَثَابِتٍ وَثُبَيْتٍ، وَالْجَمْعُ مِثْلُهُ فِي الْقِيَاسِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْهُ فِي الِاسْتِعْمَالِ. قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ جَمْعَ زبرا وقع عَلَى الْمَزْبُورِ كَمَا قَالُوا: ضَرْبُ الْأَمِيرِ، وَنَسْجُ الْيَمَنِ. وَكَمَا سُمِّيَ الْمَكْتُوبُ كِتَابًا.

وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ أَيْ ذَكَرْنَا أَخْبَارَهُمْ لَكَ.

وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ

رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ: أَنَّهُ سئل عَنِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَانَ الْمُرْسَلُونَ ثَلَاثَمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ» .

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: هَذَا أَصَحُّ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ، خَرَّجَهُ الْآجُرِّيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ الْبُسْتِيُّ فِي مُسْنَدٍ صَحِيحٍ لَهُ.

وَفِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ هَذَا: أَنَّهُ سَأَلَهُ كَمْ كَانَ الْأَنْبِيَاءُ؟ فَقَالَ: «مِائَةُ أَلْفِ نَبِيٍّ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفَ نَبِيٍّ» .

وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُعِثَ عَلَى أَثَرِ ثَمَانِيَةِ آلاف مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْهُمْ أَرْبَعَةُ آلَافٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ» .

وَرُوِيَ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ أَنَّهُ قَالَ: الْأَنْبِيَاءُ أَلْفُ أَلْفٍ وَأَرْبَعُمِائَةِ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: مَا يذكر مِنْ عَدَدِ الْأَنْبِيَاءِ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ انْتَهَى.

وَانْتِصَابُ وَرُسُلًا عَلَى إِضْمَارِ فِعْلٍ أَيْ: قَدْ قَصَصْنَا رُسُلًا عَلَيْكَ، فَهُوَ مِنْ بَابِ الِاشْتِغَالِ. وَالْجُمْلَةُ مِنْ قَوْلِهِ: قَدْ قَصَصْنَاهُمْ، مُفَسِّرَةٌ لِذَلِكَ الْفِعْلِ الْمَحْذُوفِ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قِرَاءَةُ أُبَيٍّ وَرُسُلٌ بِالرَّفْعِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَلَى الِابْتِدَاءِ. وَجَازَ الِابْتِدَاءُ بِالنَّكِرَةِ هُنَا، لِأَنَّهُ مَوْضِعُ تَفْصِيلٍ كَمَا أَنْشَدُوا: فَثَوْبٌ لَبِسْتُ وَثَوْبٌ أَجُرُّ.

وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

بِشِقٍّ وَشِقٌّ عِنْدَنَا لَمْ يُحَوَّلِ وَمِنْ حُجَجِ النَّصْبِ عَلَى الرَّفْعِ كَوْنُ الْعَطْفِ عَلَى جُمْلَةٍ فِعْلِيَّةٍ وَهِيَ: وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: الرَّفْعُ عَلَى تَقْدِيرِ وَهُمْ: رُسُلٌ، فَعَلَى قَوْلِهِ يَكُونُ قَدْ قَصَصْنَاهُمْ جُمْلَةٌ فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ. وَجَوَّزُوا أَيْضًا نَصْبَ وَرُسُلًا مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ نَصْبًا عَلَى الْمَعْنَى، لِأَنَّ الْمَعْنَى: إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ وَأَرْسَلْنَا رُسُلًا، لِأَنَّ الرَّدَّ عَلَى الْيَهُودِ إِنَّمَا هُوَ فِي إِنْكَارِهِمْ إِرْسَالَ الرُّسُلِ وَاطِّرَادَ الْوَحْيِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>