للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُرَادَ بِهِ الْحَرَائِرُ، إِذِ الْإِمَاءُ لَا يُعْطَوْنَ أُجُورَهُنَّ، وَإِنَّمَا يُعْطَى السَّيِّدُ. إِلَّا أن يجوز فجعل إِعْطَاءَ السَّيِّدِ إِعْطَاءً لَهُنَّ. وَفِيهِ دَلَالَةٌ أَيْضًا عَلَى أَنَّ أَقَلَّ الصَّدَاقِ لَا يَتَقَدَّرُ، إِذْ سَمَّاهُ أَجْرًا، وَالْأَجْرُ فِي الْإِجَارَاتِ لَا يَتَقَدَّرُ.

مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ تَقَدَّمَ تفسيره نَظِيرِهِ فِي النِّسَاءِ.

وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ سَبَبُ نُزُولِهَا فِيمَا رَوَاهُ أَبُو صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَرْخَصَ فِي نِكَاحِ الْكِتَابِيَّاتِ قُلْنَ بَيْنَهُنَّ:

لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ رَضِيَ دِينَنَا وَقَبِلَ عَمَلَنَا لَمْ يُبِحْ لِلْمُؤْمِنِينَ تَزْوِيجَنَا، فَنَزَلَتْ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: فِيمَا أَحْصَنَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ نِكَاحِ نِسَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ يَقُولُ: لَيْسَ إِحْصَانُ الْمُسْلِمِينَ إِيَّاهُنَّ بِالَّذِي يُخْرِجُهُنَّ مِنَ الْكُفْرِ انْتَهَى. وَلَمَّا ذَكَرَ فَرَائِضَ وَأَحْكَامًا يَلْزَمُ الْقِيَامُ بِهَا، أَنْزَلَ مَا يَقْتَضِي الْوَعِيدَ عَلَى مُخَالَفَتِهَا لِيَحْصُلَ تَأْكِيدُ الزَّجْرِ عَنْ تَضْيِيعِهَا. وَقَالَ الْقَفَّالُ: مَا مَعْنَاهُ، لَمَّا حَصَلَتْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا فَضِيلَةُ مُنَاكَحَةِ نِسَائِهِمْ، وَأَكْلِ ذَبَائِحِهِمْ، مِنَ الْفَرْقِ فِي الْآخِرَةِ بِأَنَّ مَنْ كَفَرَ حَبِطَ عَمَلُهُ انْتَهَى. وَالْكُفْرُ بِالْإِيمَانِ لَا يُتَصَوَّرُ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ: أَيْ:

وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ. وَحَسَّنَ هَذَا الْمَجَازَ أَنَّهُ تَعَالَى رَبُّ الْإِيمَانِ وَخَالِقُهُ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: وَمَنْ يَكْفُرْ بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، جَعَلَ كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ إِيمَانًا. وَقَالَ قَتَادَةُ: إِنَّ نَاسًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَالُوا: كَيْفَ نَتَزَوَّجُ نِسَاءَهُمْ مَعَ كَوْنِهِمْ عَلَى غَيْرِ دِينِنَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ، أَيْ بِالْمُنَزَّلِ فِي الْقُرْآنِ، فَسُمِّيَ الْقُرْآنُ إِيمَانًا لِأَنَّهُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى بَيَانِ كُلِّ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْإِيمَانِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ مَنْ أَحَلَّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ، أَوْ حَرَّمَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فَهُوَ كَافِرٌ. وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ: مَنْ جَحَدَ مَا أَنْزَلَهُ اللَّهُ مِنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ وَعَرَّفَهُ مِنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ.

وَتَبِعَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي هَذَا التَّفْسِيرِ فَقَالَ: وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ أَيْ: بِشَرَائِعِ الْإِسْلَامِ، وَمَا أَحَلَّ اللَّهُ وَحَرَّمَ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيَّ يَقُولُ: إِنَّمَا أَبَاحَ اللَّهُ الْكِتَابِيَّاتِ لِأَنَّ بَعْضَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ يعجبه حسنهن، فحذر نكاحهن مِنَ الْمَيْلِ إِلَى دِينِهِنَّ بِقَوْلِهِ: وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ. وَقَرَأَ ابن السميفع: حَبَطَ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ حُبُوطُ عَمَلِهِ وَخُسْرَانُهُ. فِي الْآخِرَةِ مَشْرُوطٌ بِالْمُوَافَاةِ عَلَى الْكُفْرِ.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ نَزَلَتْ فِي قِصَّةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا حِينَ فَقَدَتِ الْعِقْدَ بِسَبَبِ فَقْدِ الْمَاءِ وَمَشْرُوعِيَّةِ التَّيَمُّمِ، وَكَانَ الْوُضُوءُ مُتَعَذِّرًا عندهم، وإنما؟؟؟

<<  <  ج: ص:  >  >>