للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا تَمْرَةٍ وَاحِدَةٍ، بَلْ أَقَلِّ شَيْءٍ يُسَمَّى مَالًا، وَفِي أَقَلِّ شَيْءٍ يُخْرِجُ الشُّحَّ وَالضِّنَةَ. وَقِيلَ:

النِّصَابُ الَّذِي تُقْطَعُ فِيهِ الْيَدُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَصَاعِدًا، أَوْ قِيمَتُهَا مِنْ غَيْرِهَا، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ:

ابْنِ عَبَّاسٍ، وابن عمر، وأيمن الْحَبَشِيِّ، وَأَبِي جَعْفَرٍ، وَعَطَاءٍ، وَإِبْرَاهِيمَ، وَهُوَ قَوْلُ:

الثَّوْرِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَزُفَرَ، وَمُحَمَّدٍ. وَقِيلَ: رُبُعُ دِينَارٍ فَصَاعِدًا، وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَعَائِشَةَ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَهُوَ قَوْلُ: الْأَوْزَاعِيِّ، وَاللَّيْثِ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ. وَقِيلَ: خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَهُوَ قَوْلُ: أَنَسٍ، وَعُرْوَةَ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَالزُّهْرِيِّ. وَقِيلَ: أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَقِيلَ:

ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَهُوَ قَوْلُ: ابْنِ عُمَرَ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَإِسْحَاقُ، وَأَحْمَدُ، إِلَّا إِنْ كَانَ ذَهَبًا فَلَا تُقْطَعُ إِلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ. وَقِيلَ: دِرْهَمٌ فَمَا فَوْقَهُ، وَبِهِ قَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ. وَقَطَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فِي دِرْهَمٍ. وَلِلسَّرِقَةِ الَّتِي تُقْطَعُ فِيهَا الْيَدُ شُرُوطٌ ذُكِرَتْ فِي الْفِقْهِ.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ بِالرَّفْعِ. وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ: وَالسَّارِقُونَ وَالسَّارِقَاتُ فَاقْطَعُوا أَيْمَانَهُمْ، وَقَالَ الْخَفَّافُ: وَجَدْتُ فِي مُصْحَفِ أُبِيٍّ وَالسُّرُقُ وَالسُّرُقَةُ بِضَمِّ السِّينِ الْمُشَدَّدَةِ فِيهِمَا كَذَا ضَبَطَهُ أَبُو عَمْرٍو. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا تَصْحِيفًا مِنَ الضَّابِطِ، لِأَنَّ قِرَاءَةَ الْجَمَاعَةِ إِذَا كُتِبَتِ السَّارِقُ بِغَيْرِ أَلْفٍ وَافَقَتْ فِي الْخَطِّ هَذِهِ. وَالرَّفْعُ فِي وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ عَلَى الِابْتِدَاءِ، وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ: فِيمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ، أَوْ فِيمَا فُرِضَ عَلَيْكُمْ، السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ أَيْ: حُكْمُهُمَا. وَلَا يُجَوِّزُ سِيبَوَيْهِ أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ قَوْلُهُ:

فَاقْطَعُوا، لِأَنَّ الْفَاءَ لَا تَدْخُلُ إِلَّا فِي خَبَرِ مُبْتَدَأٍ مَوْصُولٍ بِظَرْفٍ أَوْ مَجْرُورٍ، أَيْ جُمْلَةٍ صَالِحَةٍ لِأَدَاةِ الشَّرْطِ. وَالْمَوْصُولُ هُنَا أَلْ، وَصِلَتُهَا اسْمِ فَاعِلٍ أَوِ اسْمِ مَفْعُولٍ، وَمَا كَانَ هَكَذَا لَا تَدْخُلُ الْفَاءُ فِي خَبَرِهِ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ. وَقَدْ أَجَازَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْبَصْرِيِّينَ أَعْنِي: أَنْ يَكُونَ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ مُبْتَدَأٌ، وَالْخَبَرُ جُمْلَةُ الْأَمْرِ، أَجْرَوْا أَلْ وَصِلَتَهَا مُجْرَى الْمَوْصُولِ الْمَذْكُورِ، لِأَنَّ الْمَعْنَى فِيهِ عَلَى الْعُمُومِ إِذْ مَعْنَاهُ: الَّذِي سَرَقَ وَالَّتِي سَرَقَتْ. وَلَمَّا كَانَ مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، تَأَوَّلَهُ عَلَى إِضْمَارِ الْخَبَرِ فَيَصِيرُ تَأَوُّلُهُ: فِيمَا فُرِضَ عَلَيْكُمْ حُكْمُ السَّارِقِ وَالسَّارِقَةِ. جُمْلَةً ظَاهِرُهَا أَنْ تَكُونَ مُسْتَقِلَّةً، وَلَكِنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ فِي قَوْلِهِ: فَاقْطَعُوا، فَجِيءَ بِالْفَاءِ رَابِطَةً لِلْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ، فَالْأُولَى مُوَضِّحَةٌ لِلْحُكْمِ الْمُبْهَمِ فِي الْجُمْلَةِ الْأُولَى. وَقَرَأَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ: وَالسَّارِقَ وَالسَّارِقَةَ بِالنَّصْبِ عَلَى الِاشْتِغَالِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ:

الْوَجْهُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ النَّصْبُ كَمَا تَقُولُ: زَيْدًا فَاضْرِبْهُ، وَلَكِنْ أَبَتِ الْعَامَّةُ إِلَّا الرَّفْعَ، يَعْنِي عَامَّةَ الْقُرَّاءِ وَجُلَّهُمْ. وَلَمَّا كَانَ مُعْظَمُ الْقُرَّاءِ عَلَى الرَّفْعِ، تَأَوَّلَهُ سِيبَوَيْهِ عَلَى وَجْهٍ يَصِحُّ، وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>