للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَوْضِعِهَا. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَالسَّارِقُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ حِرْزٌ لِلْمَسْرُوقِ، وَبِهِ قَالَ: دَاوُدُ، وَالْخَوَارِجُ.

وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ شَرْطَ الْقَطْعِ إِخْرَاجُهُ مِنَ الْحِرْزِ، وَلَوْ جَمَعَ الثِّيَابَ فِي الْبَيْتِ وَلَمْ يُخْرِجْهَا لَمْ يُقْطَعْ. وَقَالَ الْحَسَنُ: يُقْطَعُ. وَالظَّاهِرُ انْدِرَاجُ كُلِّ مَنْ يُسَمَّى سَارِقًا فِي عُمُومِ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ، لَكِنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى أَنَّ الْأَبَ إِذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ ابْنِهِ لَا يُقْطَعُ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ الِابْنُ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ: إِنْ كَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهِمَا فَلَا قَطْعَ، وَإِنْ كَانَا يَنْهَيَانِهِ عَنِ الدُّخُولِ قُطِعَ، وَلَا يُقْطَعُ ذَوُو الْمَحَارِمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَا الْأَجْدَادُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ، وَالْأُمِّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَعِنْدَ أَشْهَبَ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: يُقْطَعُ كُلُّ سَارِقٍ سَرَقَ مَا تُقْطَعُ فِيهِ الْيَدُ، إِلَّا أَنْ يُجْمِعُوا عَلَى شَيْءٍ فَيُسَلَّمُ لِلْإِجْمَاعِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ: لَا تُقْطَعُ الْمَرْأَةُ إِذَا سَرَقَتْ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا، وَلَا هُوَ إِذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ زَوْجَتِهِ. وَقَالَ مَالِكٌ: يُقْطَعَانِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ أَقَرَّ مَرَّةً بِسَرِقَةٍ قُطِعَ، وَبِهِ قَالَ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَزُفَرُ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ. وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى: لَا يُقْطَعُ حَتَّى يُقِرَّ مَرَّتَيْنِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُقْطَعُ سَارِقُ الْمُصْحَفِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ الْقَاسِمِ: يُقْطَعُ إِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ نِصَابًا. وَالظَّاهِرُ قَطْعُ الطَّيَّارِ نِصَابًا وَبِهِ قَالَ: مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَيَعْقُوبُ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ: وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدٌ، وَإِسْحَاقُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ كَانَتِ الدَّرَاهِمُ مَصْرُورَةً فِي كُمِّهِ لَمْ يُقْطَعْ، أَوْ فِي دَاخِلِهِ قُطِعَ. وَاخْتُلِفَ فِي النَّبَّاشِ إِذَا أَخَذَ الْكَفَنَ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَمُحَمَّدٌ: لَا يُقْطَعُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمَكْحُولٍ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: أَجْمَعَ أصحاب رسول الله صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي زَمَنٍ كَانَ مَرْوَانُ أَمِيرًا عَلَى الْمَدِينَةِ أَنَّ النَّبَّاشَ يُعَزَّرُ وَلَا يُقْطَعُ، وَكَانَ الصَّحَابَةُ مُتَوَافِرِينَ يَوْمَئِذٍ. وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَرَبِيعَةُ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو يُوسُفَ: يُقْطَعُ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالزُّهْرِيِّ، وَمَسْرُوقٍ، وَالْحَسَنِ، وَالنَّخَعِيِّ، وَعَطَاءٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إِذَا كَرَّرَ السَّرِقَةَ فِي الْعَيْنِ بَعْدَ الْقَطْعِ فِيهَا لَمْ يُقْطَعْ، وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُقْطَعُ، وَأَنَّهُ إِذَا سَرَقَ نِصَابًا مِنْ سَارِقٍ لَا يُقْطَعُ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ. وقال مالك: يقطع وَالْمُخَاطَبُ بِقَوْلِهِ: فَاقْطَعُوا «١» الرَّسُولُ أَوْ وُلَاةُ الْأَمْرِ كَالسُّلْطَانِ، وَمَنْ أُذِنَ لَهُ فِي إِقَامَةِ الْحُدُودِ، أَوِ الْقُضَاةُ وَالْحُكَّامُ، أَوِ الْمُؤْمِنُونَ، لِيَكُونُوا


(١) سورة المائدة: ٥/ ٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>