وَيُقَالُ لِلْجَاسُوسِ: ذُو الْعَيْنَيْنِ، وَالْعَيْنُ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ مَعَانٍ كَثِيرَةٍ ذَكَرَهَا اللُّغَوِيُّونَ.
الْأَنْفُ: مَعْرُوفٌ وَالْجَمْعُ آنَافٌ وَآنُفٌ وَأُنُوفٌ.
الْمُهَيْمِنُ: الشَّاهِدُ الرَّقِيبُ عَلَى الشَّيْءِ الْحَافِظُ لَهُ، وَهُوَ اسْمُ فَاعِلٍ مَنْ هَيْمَنَ قَالُوا:
وَلَمْ يَجِئْ عَلَى هَذَا الْوَزْنِ إِلَّا خَمْسَةُ أَلْفَاظٍ: هَيْمَنَ، وَسَيْطَرَ، وَبَيْطَرَ، وَحَيْمَرَ، وَبَيْقَرَ، ذَكَرَ هَذَا الْخَامِسَ الزَّجَّاجِيُّ فِي شَرْحِهِ خُطْبَةَ أَدَبِ الْكَاتِبِ، وَمَعْنَاهُ: سَارَ مِنَ الْحِجَازِ إِلَى الْيَمَنِ، وَمِنْ أُفُقٍ إِلَى أُفُقٍ. وَهَيْمَنَ بِنَا أَصْلٌ. وَذَهَبَ بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ إِلَى أَنَّ مُهَيْمِنًا اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ آمَنَ غَيْرَهُ مِنَ الْخَوْفِ قَالَ: فَأَصْلُهُ مَأْمَنٌ قُلِبَتِ الْهَمْزَةُ الثَّانِيَةُ يَاءً كَرَاهَةَ اجْتِمَاعِ الْهَمْزَتَيْنِ فَصَارَ مُؤَيْمِنٌ، ثُمَّ أُبْدِلَتِ الْهَمْزَةُ الْأُولَى هَاءً كَمَا قَالُوا: أَهْرَاقَ فِي أَرَاقَ، وَهِيَّاكَ فِي إِيَّاكَ، وَهَذَا تَكَلُّفٌ لَا حَاجَةَ إِلَيْهِ، وَقَدْ ثَبَتَ نَظِيرُ هَذَا الْوَزْنِ فِي أَلْفَاظٍ فَيَكُونُ هَذَا مِنْهَا. وَأَيْضًا فَالْهَمْزَةُ فِي مُؤْمِنٍ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ آمَنَ قَدْ سَقَطَتْ كَرَاهَةَ اجْتِمَاعِ الْهَمْزَتَيْنِ، فَلَا يُدَّعَى أَنَّهَا أُقِرَّتْ وَأُبْدِلَ مِنْهَا. وَأَمَّا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ قُتَيْبَةَ مِنْ أَنَّهُ تَصْغِيرُ مُؤْمِنٍ، وَأُبْدِلَتْ هَمْزَتُهُ هَاءً، فَقَدْ كَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو الْعَبَّاسِ الْمُبَرِّدُ يُحَذِّرُهُ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ. وَاعْلَمْ أَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ تَعَالَى لَا تُصَغَّرُ. الشِّرْعَةُ:
السُّنَّةُ وَالطَّرِيقَةُ شَرَعَ يَشْرَعُ شَرْعًا أَيْ سَنَّ، وَالشَّارِعُ الطَّرِيقُ الْأَعْظَمُ، وَمَنْزِلٌ شَارِعٌ إِذَا كَانَ بَابُهُ قَدْ شَرَعَ إِلَى طَرِيقٍ نَافِذٍ. الْمِنْهَاجُ وَالْمَنْهَجُ: الطَّرِيقُ الْوَاضِحُ، وَنَهَجَ الْأَمْرُ اسْتَبَانَ، وَنَهَجْتُ الطَّرِيقَ أَبَنْتُهُ وَأَوْضَحْتُهُ، ونهجت الطريق سلكته.
يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ
رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٍ: أَنَّ سَبَبَ نُزُولِهَا أَنَّ يَهُودِيًّا زَنَى بِيَهُودِيَّةٍ، قِيلَ: بِالْمَدِينَةِ. وَقِيلَ: بِغَيْرِهَا مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ، فَسَأَلُوا الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَمِعُوا أَنْ يَكُونَ غَيْرَ الرَّجْمِ حَدُّهُمَا، وَكَانَ فِي التَّوْرَاةِ رَجْمٌ، فَأَنْكَرُوا ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ فِي التَّوْرَاةِ وَافْتَضَحُوا إِذْ أَحْضَرُوهَا، وَحَكَمَ الرَّسُولُ فِيهِمَا بِالرَّجْمِ وَأَنْفَذَهُ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: السَّبَبُ أَنَّ بَنِي النَّضِيرِ كَانُوا إِذَا غَزَوْا بَنِي قُرَيْظَةَ، فَإِنْ قَتَلَ قُرَظِيٌّ نَضِيرِيًّا قُتِلَ بِهِ، أَوْ نَضِيرِيٌّ قُرَظِيًّا أَعْطَى الدِّيَةَ.
وَقِيلَ: كَانَتْ دِيَةُ الْقُرَظِيِّ عَلَى نِصْفِ دِيَةِ النَّضِيرِيِّ، فَلَمَّا جَاءَ الرَّسُولُ الْمَدِينَةَ طَلَبَتْ قُرَيْظَةُ الاستواء لأنهما أبناء عَمٍّ، وَطَلَبَتِ الْحُكُومَةُ إِلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَقَالَتْ بَنُو النَّضِيرِ: إِنْ حَكَمَ بِمَا نَحْنُ عَلَيْهِ فَخُذُوهُ، وَإِلَّا فَاحْذَرُوا.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَهَذَا بَعِيدٌ مِنْ مَسَاقِ الْآيَةِ. وَذَكَرُوا أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ هُوَ أَبُو لُبَابَةَ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ، أَشَارَتْ إِلَيْهِ قُرَيْظَةُ يَوْمَ حَصْرِهِمْ عَلَامَ يُنْزَلُ مِنَ الْحُكْمِ، فَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ الذَّبْحُ.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مِنَ الْيَهُودِ قَتَلَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ آخَرَ، فَكَلَّفُوا رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَسْأَلَ الرَّسُولَ