الْأَضْرَاسُ عِشْرُونَ، وَالْأَسْنَانُ اثْنَا عَشَرَ: أَرْبَعُ ثَنَايَا، وَأَرْبَعُ رُبَاعِيَّاتٍ، وَأَرْبَعُ أَنْيَابٍ.
وَالْخِلَافُ إِنَّمَا هُوَ فِي الْأَضْرَاسِ لَا فِي الْأَسْنَانِ، فَفِي قَضَاءِ عُمَرَ الدِّيَةُ ثَمَانُونَ، وَفِي قَضَاءِ مُعَاوِيَةَ مِائَةٌ وَسِتُّونَ. وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ مِائَةٌ، وَهِيَ الدِّيَةُ كَامِلَةً مِنَ الْإِبِلِ. وَقَالَ عَطَاءُ فِي الثَّنِيَّتَيْنِ وَالرُّبَاعِيَّتَيْنِ وَالنَّابَيْنِ: خَمْسٌ خَمْسٌ، وَفِيمَا بَقِيَ بَعِيرَانِ بَعِيرَانِ، أَعْلَى الْفَمِ وَأَسْفَلُهُ سَوَاءٌ. وَلَوْ قُلِعَتْ سِنُّ صَبِيٍّ لَمْ يُثْغَرْ فَنَبَتَتْ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ:
لَا شَيْءَ عَلَى الْقَالِعِ. إِلَّا أَنَّ مَالِكًا وَالشَّافِعِيَّ قَالَا: إِذَا نَبَتَتْ نَاقِصَةَ الطُّولِ عَنِ الَّتِي تُقَارِبُهَا أُخِذَ لَهُ مِنْ أَرْشِهَا بِقَدْرِ نَقْصِهَا. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: فِيهَا حُكُومَةٌ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ. وَلَوْ قُلِعَتْ سِنُّ كَبِيرٍ فَأَخَذَ دِيَتَهَا ثُمَّ نَبَتَتْ فَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَرُدُّ مَا أَخَذَ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ: يَرُدُّ، وَالْقَوْلَانِ عَنِ الشَّافِعِيِّ. وَلَوْ قُلِعَتْ سِنٌّ قَوَدًا فَرَدَّهَا صَاحِبُهَا فَالْتَحَمَتْ فَلَا يَجِبُ قَلْعُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ: يُجْبَرُ عَلَى الْقَلْعِ، بِهِ قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ، وَيُعِيدُ كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا بِهَا. وَكَذَا لَوْ قُطِعَتْ أُذُنُهُ فَرَدَّهَا فِي حَرَارَةِ الدَّمِ فَالْتَزَقَتْ، وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عطاء أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ قَالَ: وَهُوَ غَلَطٌ. وَلَوْ قَلَعَ سِنًّا زَائِدَةً فَقَالَ الْجُمْهُورُ: فِيهَا حُكُومَةٌ، فَإِنْ كُسِرَ بَعْضُهَا أَعْطَى بِحِسَابِ مَا نَقَصَ مِنْهَا، وَبِهِ قَالَ: مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ. قَالَ الْأُدْفُوِيُّ: وَمَا عَلِمْتُ فِيهِ خِلَافًا. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: فِي السِّنِّ الزَّائِدَةِ ثُلُثُ السِّنِّ، وَلَوْ جَنَى عَلَى سِنٍّ فَاسْوَدَّتْ ثُمَّ عَقَلَهَا، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ زَيْدٍ، وَابْنِ الْمُسَيَّبِ، وَبِهِ قَالَ: الزُّهْرِيُّ، وَالْحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَشُرَيْحٌ، وَالنَّخَعِيُّ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ. وَرُوِيَ عَنْ عِمْرَانَ: فِيهَا ثُلُثُ دِيَتِهَا، وَبِهِ قَالَ: أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ.
وَقَالَ النَّخَعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ: فِيهَا حُكُومَةٌ، فَإِنْ طُرِحَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَفِيهَا عَقْلُهَا، وَبِهِ قَالَ اللَّيْثُ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، وَإِنِ اسْوَدَّ بَعْضُهَا كَانَ بِالْحِسَابِ قَالَهُ: الثَّوْرِيُّ.
وَالْجُرُوحُ قِصَاصٌ أَيْ ذَاتُ قِصَاصٍ. وَلَفْظُ الْجُرُوحِ عَامٌّ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْخُصُوصُ، وَهُوَ مَا يُمْكِنُ فِيهِ الْقِصَاصُ. وَتُعْرَفُ الْمُمَاثَلَةُ وَلَا يُخَافُ فِيهَا عَلَى النَّقْصِ، فَإِنْ خِيفَ كَالْمَأْمُومَةِ وَكَسْرِ الْفَخِذِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا قِصَاصَ فِيهَا. وَمَدْلُولُ: وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ، يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْجُرْحُ بِمِثْلِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمِثْلِهِ فَلَيْسَ بِقِصَاصٍ. وَاخْتَلَفُوا فِي الْقِصَاصِ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَبَيْنَ الْعَبْدِ وَالْحُرِّ. وَجَمِيعُ مَا عَدَا النَّفْسَ هُوَ مِنَ الْجِرَاحَاتِ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا بِقَوْلِهِ:
وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ، لَكِنَّهُ فَصَّلَ أَوَّلَ الْآيَةِ وَأَجْمَلَ آخِرَهَا لِيَتَنَاوَلَ مَا نُصَّ عَلَيْهِ وَمَا لَمْ يُنَصَّ، فَيَحْصُلَ الْعُمُومُ. مَعْنَى: وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَفْظًا. وَمِنْ جُمْلَةِ الْجُرُوحِ الشِّجَاجِ فِيمَا يُمْكِنُ فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute