وَاحِدٌ لِأَنَّهُ لَا يُنْسَبُ الْقَتْلُ إِلَى كُلَّ وَاحِدٍ وَاحِدٍ مِنْهُمْ. فَأَمَّا الْمَقْتُولُ فَهُوَ وَاحِدٌ يَجِبُ أَنْ يكون المثل واحد، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَزَاءٌ وَاحِدٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إِذَا حُمِلَ قَوْلُهُ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ عَلَى مَعْنَيَيْهِ وَهُمَا مُحْرِمُونَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَمُحْرِمُونَ بِمَعْنَى دَاخِلِينَ الْحَرَمَ وَإِنْ كَانُوا مُحِلِّينَ، أَنَّهُ إِذَا قَتَلَ الْمُحِلُّونَ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُمْ جَزَاءٌ وَاحِدٌ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَقَالَ مَالِكٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ جَزَاءٌ كَامِلٌ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ مِنَ النَّعَمِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ سِنٌّ فَيُجْزِئُ الْجَفْرُ وَالْعَنَاقُ عَلَى قَدْرِ الصَّيْدِ وَبِهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَهْدِيَ إِلَّا مَا يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَهَدْيِ الْقِرَانِ وَالظَّاهِرُ مِنْ تَقْيِيدِ الْمَنْهِيِّينَ عَنِ الْقَتْلِ بِقَوْلِهِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ أَنَّهُ لَوْ صَادَ الْحَلَالُ بِالْحِلِّ ثُمَّ ذَبَحَهُ فِي الْحَرَمِ فَلَا ضَمَانَ وَهُوَ حَلَالٌ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ.
يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَيْ يَحْكُمُ بِمِثْلِ مَا قَتَلَ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يُخَيِّرَ الْحَكَمَانِ مَنْ قَتَلَ الصَّيْدَ كَمَا خَيَّرَهُ اللَّهُ فِي أَنْ يُخْرِجَ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما، فَإِنِ اخْتَارَ الْهَدْيَ حَكَمَا عَلَيْهِ بِمَا يَرَيَانِهِ نَظَرًا لِمَا أَصَابَ وَأَدْنَى الْهَدْيِ شَاةٌ، وَمَا لَمْ يَبْلُغْ شَاةً حَكَمَا فِيهِ بِالطَّعَامِ ثُمَّ خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يُطْعِمَهُ أَوْ يَصُومَ مَكَانَ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحْكُمُ بِهِ عَدْلَانِ وَكَذَلِكَ فَعَلَ عُمَرُ فِي حَدِيثِ قَبِيصَةَ بْنِ جَابِرٍ اسْتَدْعَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَحَكَمَا فِي ظَبْيٍ بِشَاةٍ وَفَعَلَ ذَلِكَ جَرِيرٌ وَابْنُ عُمَرَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعَدْلَيْنِ ذَكَرَانِ فَلَا يَحْكُمُ فِيهِ امْرَأَتَانِ عَدْلَتَانِ،
وَقَرَأَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ عَلَى التَّوْحِيدِ أَيْ يَحْكُمُ بِهِ مَنْ يَعْدِلُ مِنْكُمْ وَلَا يُرِيدُ بِهِ الْوَحْدَةَ،
وَقِيلَ أَرَادَ بِهِ الْإِمَامَ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَكَمَيْنِ يَحْكُمَانِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ بِاجْتِهَادِهِمَا وَذَلِكَ مَوْكُولٌ إِلَيْهِمَا وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الَّذِي لَهُ مِثْلٌ مِنَ النَّعَمِ وَحَكَمَتْ فِيهِ الصَّحَابَةُ بِحُكْمٍ لَا يُعْدَلُ عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ وَمَا لَمْ تَحْكُمْ فِيهِ الصَّحَابَةُ يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى اجْتِهَادِهِمَا فَيَنْظُرَانِ إِلَى الْأَجْنَاسِ الثَّلَاثَةِ مِنَ الْأَنْعَامِ فَكُلُّ مَا كَانَ أَقْرَبَ شَبَهًا بِهِ يُوجِبَانِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَكَمَيْنِ لَا يَكُونُ أَحَدُهُمَا قَاتِلَ الصَّيْدِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِنْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً جَازَ أَنْ يَكُونَ أَحَدَهُمَا أَوْ عَمْدًا فَلَا لِأَنَّهُ يَفْسُقُ بِهِ وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ عَلَى إِثْبَاتِ الْقِيَاسِ لِأَنَّهُ تَعَالَى فَرَضَ تَعْيِينَ الْمِثْلِ إِلَى اجْتِهَادِ النَّاسِ وَظُنُونِهِمْ. وَجَوَّزُوا فِي انْتِصَابِ قَوْلِهِ هَدْياً أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ فَجَزاءٌ فِيمَنْ وَصَفَهُ بِمِثْلٍ لِأَنَّ الصِّفَةَ خَصَّصَتْهُ فَقَرُبَ مِنَ الْمَعْرِفَةِ وَأَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ مِثْلَ فِي قِرَاءَةِ مَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute