للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَعَلَ لَهُ مَكَانًا وَنَحْوُهُ أَرْضٌ لَهُ، وَتَمْكِينُهُ فِي الْأَرْضِ إِثْبَاتُهُ فِيهَا. الْمِدْرَارُ الْمُتَتَابِعُ يُقَالُ: مَطَرٌ مِدْرَارٌ وَعَطَاءٌ مِدْرَارٌ وَهُوَ فِي الْمَطَرِ أَكْثَرُ، وَمِدْرَارٌ مِفْعَالٌ مِنَ الدَّرِّ لِلْمُبَالَغَةِ كَمِذْكَارٍ وَمِئْنَاثٍ وَمِهْذَارٍ لِلْكَثِيرِ ذَلِكَ مِنْهُ. الْإِنْشَاءُ: الْخَلْقُ وَالْإِحْدَاثُ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ، وَكُلُّ مَنِ ابْتَدَأَ شَيْئًا فَقَدْ أَنْشَأَهُ، وَالنَّشَأُ الْأَحْدَاثُ وَاحِدُهُمْ نَاشِئٌ كَقَوْلِكَ: خَادِمٌ وَخَدَمٌ. الْقِرْطَاسُ اسْمٌ لِمَا يُكْتَبُ عَلَيْهِ مِنْ رَقِّ وَوَرَقٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، قَالَ الشَّاعِرُ وَهُوَ زُهَيْرٌ:

لَهَا أَخَادِيدُ مِنْ آثَارِ سَاكِنِهَا ... كَمَا تَرَدَّدَ فِي قِرْطَاسِهِ الْقَلَمُ

وَلَا يُسَمَّى قِرْطَاسًا إِلَّا إِذَا كَانَ مَكْتُوبًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَكْتُوبًا فَهُوَ طرس وكاغذ وَوَرَقٌ، وَكَسْرُ الْقَافِ أَكْثَرُ اسْتِعْمَالًا وَأَشْهَرُ مِنْ ضَمِّهَا وَهُوَ أَعْجَمِيٌّ وَجَمْعُهُ قَرَاطِيسُ. حَاقَ يَحِيقُ حَيْقًا وَحُيُوقًا وَحَيَقَانًا أَيْ: أَحَاطَ، قَالَهُ الضَّحَّاكُ: وَلَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا فِي الشَّرِّ. قَالَ الشَّاعِرُ:

فَأَوْطَأَ جَرْدَ الْخَيْلِ عُقْرَ دِيَارِهِمْ ... وَحَاقَ بِهِمْ مِنْ بَأْسِ ضَبِّهِ حَائِقُ

وَقَالَ الْفَرَّاءُ: حَاقَ بِهِ عَادَ عَلَيْهِ وَبَالُ مَكْرِهِ. وَقَالَ النَّضْرُ: وَجَبَ عَلَيْهِ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ:

دَارَ. وَقِيلَ: حَلَّ وَنَزَلَ وَمَنْ جَعَلَهُ مُشْتَقًّا مِنَ الْحَوْقِ وَهُوَ مَا اسْتَدَارَ بِالشَّيْءِ فَلَيْسَ قَوْلُهُ بِصَحِيحٍ، لِاخْتِلَافِ الْمَادَّتَيْنِ وَكَذَلِكَ مَنْ قَالَ: أَصْلُهُ حَقَّ فَأُبْدِلَتِ الْقَافُ الْوَاحِدَةُ يَاءً كَمَا قَالُوا: فِي تَظَنَّنْتُ: تَظَنَّيْتُ لِأَنَّهَا دَعْوَى لَا دَلِيلَ عَلَى صِحَّتِهَا. سَخِرَ منه: هزأ به والسخرى وَالِاسْتِهْزَاءُ وَالتَّهَكُّمُ مَعْنَاهَا مُتَقَارِبٌ. عَاقِبَةُ الشَّيْءِ: مُنْتَهَاهُ وَمَا آلَ إِلَيْهِ.

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ كُلُّهَا. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: إِلَّا آيَتَيْنِ نَزَلَتَا بِالْمَدِينَةِ وَهُمَا قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ «١» وَمَا يَرْتَبِطُ بِهَا.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ لَيْلًا بِمَكَّةَ حَوْلَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَجْأَرُونَ بِالتَّسْبِيحِ، إِلَّا سِتَّ آيَاتٍ قُلْ: تَعالَوْا أَتْلُ وَما قَدَرُوا اللَّهَ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى. وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ. وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْلَمُونَ. الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ، انْتَهَى.

وَعَنْهُ أَيْضًا وَعَنْ مُجَاهِدٍ وَالْكَلْبِيِّ إِلَّا ثَلَاثَ آيَاتٍ مِنْهَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ إِلَى قَوْلِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ وَقَالَ قَتَادَةُ: إِلَّا وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ، وَذَكَرَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ أَنَّ قَوْلِهِ قُلْ لَا أَجِدُ نَزَلَ بِمَكَّةَ يَوْمَ عَرَفَةَ.

وَمُنَاسَبَةُ افْتِتَاحِ هَذِهِ السُّورَةِ لِآخِرِ الْمَائِدَةِ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ مَا قَالَتْهُ النَّصَارَى فِي عِيسَى وأمه


(١) سورة الأنعام: ١/ ٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>