للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَاعَكُمُ السَّلَامُ أَيِ اتَّبَعَكُمْ وأشاعكم الله السلم أَيْ أَتْبَعَكُمْ. الْإِبْسَالُ: تَسْلِيمُ الْمَرْءِ نَفْسَهُ لِلْهَلَاكِ وَيُقَالُ أَبْسَلْتُ وَلَدِي أَرْهَنْتُهُ، قَالَ الشَّاعِرُ:

وَإِبْسَالِي بُنَيَّ بِغَيْرِ جُرْمٍ ... بَعَوْنَاهُ وَلَا بِدَمٍ مُرَاقٍ

بَعَوْنَاهُ جَنَيْنَاهُ وَالْبَعْوُ الْجِنَايَةُ. الْحَمِيمُ: الْمَاءُ الْحَارُّ. الْحَيْرَةُ: التَّرَدُّدُ فِي الْأَمْرِ لَا يَهْتَدِي إِلَى مَخْرَجٍ مِنْهُ وَمِنْهُ تَحَيَّرَ الْمَاءُ فِي الْغَيْمِ يُقَالُ حَارَ يَحَارُ حَيْرَةً وَحَيْرًا وَحَيَرَانًا وَحَيْرُورَةً. الصُّورُ: جَمْعُ صُورَةٍ وَالصُّورُ الْقَرْنُ بِلُغَةِ أَهْلِ الْيَمَنِ. قَالَ:

نَحْنُ نَطَحْنَاهُمْ غَدَاةَ الْجَمْعَيْنِ ... بِالشَّامِخَاتِ فِي غُبَارَ النَّقْعَيْنِ

نَطْحًا شَدِيدًا لَا كَنَطْحِ الصُّورَيْنِ وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ لَمَّا قَالَ تَعَالَى: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ وقال هو أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ بَعْدَ قَوْلِهِ مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ انْتَقَلَ مِنْ خَاصٍّ إِلَى عَامٍّ وَهُوَ عِلْمُ اللَّهِ بِجَمِيعِ الأمور الغيبية، واستعارة لِلْقُدْرَةِ عَلَيْهَا الْمَفَاتِحَ لَمَّا كَانَتْ سَبَبًا لِلْوُصُولِ إِلَى الشَّيْءِ فَانْدَرَجَ فِي هَذَا الْعَامِّ مَا اسْتَعْجَلُوا وُقُوعَهُ وَغَيْرُهُ. وَالْمَفَاتِحُ جَمْعُ مِفْتَحٍ بكسر الميم وهي الآية الَّتِي يُفْتَحُ بِهَا مَا أُغْلِقَ. قَالَ الزَّهْرَاوِيُّ: وَمِفْتَحٌ أَفْصَحُ مِنْ مِفْتَاحٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ جَمْعَ مِفْتَاحٍ لِأَنَّهُ يَجُوزُ فِي مِثْلِ هَذَا أَنْ لَا يُؤْتَى فِيهِ بِالْيَاءِ قَالُوا: مَصَابِحُ ومحارب وقراقر في جميع مِصْبَاحٍ وَقُرْقُورٍ. وَقَرَأَ ابْنُ السميفع: مَفَاتِيحُ بِالْيَاءِ وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ مِفْتَاحُ الْغَيْبِ عَلَى التَّوْحِيدِ.

وَقِيلَ: جَمْعُ مَفْتَحٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَيَكُونُ لِلْمَكَانِ أَيْ أَمَاكِنُ الْغَيْبِ وَمَوَاضِعُهَا يَفْتَحُ عَنِ الْمُغَيَّبَاتِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّهَا خَزَائِنُ الْمَطَرِ وَالنَّبَاتِ وَنُزُولِ الْعَذَابِ. وَقَالَ السُّدِّيُّ وَغَيْرُهُ: خَزَائِنُ الْغَيْبِ.

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: «مَفَاتِحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ»

، إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ «١» إِلَى آخِرِ السُّورَةِ. وَقِيلَ: مَفاتِحُ الْغَيْبِ الْأُمُورُ الَّتِي يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى الْغَائِبِ فَتُعْلَمُ حَقِيقَتُهُ مِنْ قَوْلِكَ: فَتَحْتُ عَلَى الْإِمَامِ إِذَا عَرَّفْتَهُ مَا نَسِيَ. وَقَالَ أَبُو مَسْعُودٍ: أُوتِيَ نَبِيُّكُمْ كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا مَفَاتِحَ الْغَيْبِ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّهَا خَزَائِنُ غيب السموات وَالْأَرْضِ مِنَ الْأَقْدَارِ وَالْأَرْزَاقِ. وَقَالَ عَطَاءٌ: مَا غَابَ مِنَ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ وَمَا تَصِيرُ إِلَيْهِ الْأُمُورُ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْوَصْلَةُ إِلَى عِلْمِ الْغَيْبِ إِذَا اسْتُعْلِمَ.

وَقِيلَ: عَوَاقِبُ الْأَعْمَارِ وَخَوَاتِيمُ الْأَعْمَالِ. وَقِيلَ: مَا لَمْ يَكُنْ هَلْ يَكُونُ أَمْ لَا يَكُونُ؟ وَمَا يَكُونُ كَيْفَ يَكُونُ وَمَا لَا يَكُونُ إِنْ كَانَ كَيْفَ يَكُونُ؟ ولا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ حَصَرَ أنه لا يعلم


(١) سورة لقمان: ٣١/ ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>