الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي ذَلِكَ وهذا أوائل العذاب وأمارته، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَقَالَ الْحَسَنُ وَالضَّحَّاكُ: بِالْعَذَابِ، وَقَالَ الْحَسَنُ أَيْضًا: هَذَا يَكُونُ فِي النَّارِ.
أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: يَبْسُطُونَ إِلَيْهِمْ أَيْدِيَهُمْ يَقُولُونَ: هَاتُوا أَرْوَاحَكُمْ أَخْرِجُوهَا إِلَيْنَا مِنْ أَجْسَادِكُمْ وَهَذِهِ عِبَارَةٌ عَنِ الْعُنْفِ فِي السِّيَاقِ وَالْإِلْحَاحِ الشَّدِيدِ فِي الْإِزْهَاقِ مِنْ غَيْرِ تَنْفِيسٍ وَإِمْهَالٍ وَأَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ بِهِمْ فِعْلَ الْغَرِيمِ الْمُسَلَّطِ بِبَسْطِ يَدِهِ إِلَى مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ وَيُعَنِّفُ عَلَيْهِ فِي الْمُطَالَبَةِ وَلَا يُمْهِلُهُ وَيَقُولُ لَهُ أَخْرِجْ إِلَيَّ مَا لِي عَلَيْكَ السَّاعَةَ وَإِلَّا أُدِيمُ مَكَانِي حَتَّى أَنْزِعَهُ مِنْ أَصْدِقَائِكَ وَمَنْ قَالَ: إِنَّ بَسْطَ الْأَيْدِي هُوَ فِي النَّارِ فَالْمَعْنَى أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ هَذِهِ الْمَصَائِبِ وَالْمِحَنِ وَخَلِّصُوهَا إِنْ كَانَ مَا زَعَمْتُمُوهُ حَقًّا فِي الدُّنْيَا وَفِي ذَلِكَ تَوْقِيفٌ وَتَوْبِيخٌ عَلَى سَالِفِ فِعْلِهِمُ الْقَبِيحِ، وَقِيلَ هُوَ أَمْرٌ عَلَى سَبِيلِ الْإِهَانَةِ وَالْإِرْعَابِ وَأَنَّهُمْ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَوَلَّى إِزْهَاقَ نَفْسِهِ.
الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ أَيِ الْهَوَانِ، وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ وَعِكْرِمَةُ عَذَابَ الْهَوَانِ بِالْأَلِفِ وَفَتْحِ الهاء والْيَوْمَ مَنْ قَالَ: إِنَّ هَذَا فِي الدُّنْيَا كَانَ عِبَارَةً عَنْ وَقْتِ الْإِمَاتَةِ وَالْعَذَابُ مَا عُذِّبُوا بِهِ مِنْ شَدَّةِ النَّزْعِ أَوِ الْوَقْتِ الْمُمْتَدِّ الْمُتَطَاوِلِ الَّذِي يَلْحَقُهُمْ فِيهِ الْعَذَابُ فِي الْبَرْزَخِ، وَمَنْ قَالَ: إِنَّ هَذَا فِي الْقِيَامَةِ كَانَ عِبَارَةً عَنْ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ عَنْ وَقْتِ خِطَابِهِمْ فِي النَّارِ، وَأَضَافَ الْعَذَابَ إِلَى الْهُونِ لِتَمَكُّنِهِ فِيهِ لِأَنَّ التَّنْكِيلَ قَدْ يَكُونُ عَلَى سَبِيلِ الزَّجْرِ وَالتَّأْدِيبِ، وَلَا هَوَانَ فِيهِ وَقَدْ يَكُونُ عَلَى سَبِيلِ الْهَوَانِ.
بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ الْقَوْلُ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ يَشْمَلُ كُلَّ نَوْعٍ مِنَ الْكُفْرَ وَيَدْخُلُ فِيهِ دُخُولًا أَوْلَوِيًّا مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنَ الْمُفْتَرِينَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ.
وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ أَيْ عَنِ الْإِيمَانِ بِآيَاتِهِ وَجَوَابُ لَوْ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ لَرَأَيْتَ أَمْرًا عَظِيمًا وَلَرَأَيْتَ عَجَبًا وَحَذْفُهُ أَبْلَغُ مِنْ ذكره وترى بِمَعْنَى رَأَيْتَ لِعَمَلِهِ فِي الظرف الماضي وهو وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا جملة حالية وأَخْرِجُوا مَعْمُولٌ لِحَالٍ مَحْذُوفَةٍ أَيْ قائلين أخرجوا وما في بما مصدرية.
وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ قَالَ عِكْرِمَةُ قَالَ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ:
سَوْفَ تَشْفَعُ فِيَّ اللَّاتُ وَالْعُزَّى فَنَزَلَتْ: وَلَمَّا قَالَ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ وَقَّفَهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ يَقْدَمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُنْفَرِدِينَ لا ناظر لَهُمْ مُحْتَاجِينَ إِلَيْهِ بَعْدَ أَنْ كَانُوا ذَوِي خَوَلٍ وَشُفَعَاءَ فِي الدُّنْيَا وَيَظْهَرُ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ هُوَ مِنْ خِطَابِ الْمَلَائِكَةِ الْمُوَكَّلِينَ بِعِقَابِهِمْ، وَقِيلَ: هُوَ كَلَامُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute