للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُضْمَرَةِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: عَلَى أَنَّهَا لَامُ كَيْ وَهِيَ عَلَى هَذَا لَامُ الصَّيْرُورَةِ كَقَوْلِهِ: فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً «١» أَيْ لِمَا صَارَ أَمْرُهُمْ إِلَى ذَلِكَ، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ:

ولِيَقُولُوا جَوَابُهُ مَحْذُوفٌ تقديره وليقولوا دارست نصرفها (فَإِنْ قُلْتَ) : أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ اللَّامَيْنِ فِي لِيَقُولُوا ولِنُبَيِّنَهُ (قُلْتُ) : الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْأُولَى مَجَازٌ وَالثَّانِيَةَ حَقِيقَةٌ وَذَلِكَ أَنَّ الْآيَاتِ صُرِّفَتْ لِلتَّبْيِينِ وَلَمْ تُصَرَّفْ لِيَقُولُوا دَارَسْتَ وَلَكِنَّهُ لِأَنَّهُ حَصَلَ هَذَا الْقَوْلُ بِتَصْرِيفِ الْآيَاتِ كَمَا حَصَلَ التَّبْيِينُ شُبِّهَ بِهِ فَسِيقَ مَسَاقَهُ، وَقِيلَ لِيَقُولُوا كَمَا قِيلَ:

لِنُبَيِّنَهُ انْتَهَى، وَتَسْمِيَتُهُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ قَوْلَهُ لِيَقُولُوا جَوَابًا اصْطِلَاحٌ غَرِيبٌ وَمِثْلُ هَذَا لَا يُسَمَّى جَوَابًا لَا تَقُولُ: فِي جِئْتُ مِنْ قَوْلِكَ: جِئْتُ لِتَقُومَ أَنَّهُ جَوَابٌ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ مِنْ تَخْرِيجِ لِيَقُولُوا عَلَيْهِ هُوَ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ مَنْ أَنْكَرَ لَامَ الصَّيْرُورَةِ وَهِيَ الَّتِي تُسَمَّى أَيْضًا لَامَ الْعَاقِبَةِ وَالْمَآلِ وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا تَرَتَّبَ عَلَى الْتِقَاطِهِ كَوْنُهُ صَارَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا جُعِلَ كَأَنَّهُ عِلَّةٌ لِالْتِقَاطِهِ فَهُوَ عِلَّةٌ مَجَازِيَّةٌ، وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ: وَاللَّامُ فِي لِيَقُولُوا عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ عَامِرٍ وَمَنْ وَافَقَهُ بِمَعْنَى لِئَلَّا يَقُولُوا أَيْ صُرِّفَ الْآيَاتُ وَأُحْكِمَتْ لِئَلَّا يَقُولُوا هَذِهِ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ قَدِيمَةٌ قَدْ تُلِيَتْ وَتَكَرَّرَتْ عَلَى الْأَسْمَاعِ وَاللَّامُ عَلَى سَائِرِ الْقِرَاءَاتِ لَامُ الصَّيْرُورَةِ، وَمَا أَجَازَهُ أَبُو عَلِيٍّ مِنْ إِضْمَارِ لَا بَعْدَ اللَّامِ الْمُضْمَرِ بَعْدَهَا أَنْ هُوَ مَذْهَبٌ لِبَعْضِ الْكُوفِيِّينَ، وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ لِئَلَّا يَقُولُوا كَمَا أَضْمَرُوهَا بَعْدَ أَنِ الْمُظْهِرَةِ فِي قَوْلِهِ:

أَنْ تَضِلُّوا «٢» وَلَا يُجِيزُ الْبَصْرِيُّونَ إِضْمَارَ لَا إِلَّا فِي الْقَسَمِ عَلَى مَا تَبَيَّنَ فِيهِ، وَقَدْ حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّ اللَّامَ لَامُ كَيْ حَقِيقَةً فَقَالَ: الْمَعْنَى تَصْرِيفُ هَذِهِ الدَّلَائِلِ حَالًا بَعْدَ حَالٍ لِيَقُولَ بَعْضُهُمْ دَارَسْتَ فَيَزْدَادُوا كُفْرًا عَلَى كُفْرٍ وَتَنْبِيهٌ لِبَعْضِهِمْ فَيَزْدَادُوا إِيمَانًا على إيمان وننظيره يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ «٣» وَلَا يَتَعَيَّنُ مَا ذَكَرَهُ الْمُعْرِبُونَ وَالْمُفَسِّرُونَ مِنْ أَنَّ اللَّامَ فِي وَلِيَقُولُوا لَامُ كَيْ أَوْ لَامُ الصَّيْرُورَةِ بَلِ الظَّاهِرُ أَنَّهَا لَامُ الْأَمْرِ، وَالْفِعْلُ مَجْزُومٌ بِهَا لَا مَنْصُوبٌ بِإِضْمَارِ أَنْ وَيُؤَيِّدُهُ قِرَاءَةُ مَنْ سَكَّنَ اللَّامَ وَالْمَعْنَى عَلَيْهِ مُتَمَكِّنٌ كَأَنَّهُ قِيلَ: وَمِثْلَ ذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ وَلِيَقُولُوا هُمْ مَا يَقُولُونَ مِنْ كَوْنِكَ دَرَسْتَهَا وَتَعَلَّمَتْهَا أَوْ دَرَسَتْ هِيَ أَيْ بَلِيَتْ وَقَدُمَتْ فَإِنَّهُ لَا يَحْفَلُ بِهِمْ وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَى قَوْلِهِمْ، وَهُوَ أَمْرٌ مَعْنَاهُ الْوَعِيدُ بِالتَّهْدِيدِ وَعَدَمِ الِاكْتِرَاثِ بِهِمْ وَبِمَا يَقُولُونَ فِي الْآيَاتِ أَيْ نُصَرِّفُهَا لِيَدَّعُوا فِيهَا مَا شاؤوا فَلَا اكْتِرَاثَ بِدَعْوَاهُمْ.

وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ أَيْ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ وَأَعَادَ الضَّمِيرَ مُفْرَدًا قالوا على معنى


(١) سورة القصص: ٢٨/ ٨.
(٢) سورة النساء: ٤/ ٤٤، ١٧٦.
(٣) سورة البقرة: ٢/ ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>