الْمُوَسَّعِ وَالتَّصْفِيَةُ سَبَبٌ لِلْأَدَاءِ، وَالظَّاهِرُ وُجُوبُ إِخْرَاجِ الْحَقِّ مِنْهُ كُلِّهِ مَا أَكَلَ صَاحِبُهُ وَأَهْلُهُ مِنْهُ وَمَا تَرَكُوهُ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: لَا يَدْخُلُ مَا أَكَلَ هُوَ وَأَهْلُهُ مِنْهُ فِي الْحَقِّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَمْرٌ بِأَنْ يُؤْتَى حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ فَلَا يَخْرُصُ عَلَيْهِ. قَالَ النَّخَعِيُّ:
الْخَرْصُ الْيَوْمَ بِدْعَةٌ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: الْخَرْصُ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ وَلَا يَجُوزُ بِحَالٍ وَإِنَّمَا عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ أَنْ يُؤَدِّيَ عُشْرَ مَا يَصِلُ فِي يَدِهِ لِلْمَسَاكِينِ إِذَا بَلَغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ. وَقَرَأَ الْعَرَبِيَّانِ وَعَاصِمٌ: حَصَادِهِ بِفَتْحِ الْحَاءِ. وَقَرَأَ بَاقِي السَّبْعَةِ بِكَسْرِهَا.
وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ لَمَّا أَمَرَ تَعَالَى بِالْأَكْلِ مِنْ ثِمَارِهِ وَبِإِيتَاءِ حَقِّهِ، نَهَى عَنْ مُجَاوَزَةِ الْحَدِّ فَقَالَ: لَا تُسْرِفُوا وَهَذَا النَّهْيُ يَتَضَمَّنُ إِفْرَادَ الْإِسْرَافِ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْإِسْرَافُ فِي أَكْلِ الثَّمَرَةِ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهَا شَيْءٌ لِلزَّكَاةِ، وَالْإِسْرَافُ فِي الصَّدَقَةِ بِهَا حَتَّى لَا يُبْقِيَ لِنَفْسِهِ وَلَا لِعِيَالِهِ شَيْئًا وَقَيَّدَهُ أَبُو الْعَالِيَةِ وَابْنُ جُرَيْجٍ بِالصَّدَقَةِ بِجَمِيعِ الْمَالِ فَيَبْقَى هُوَ وَعِيَالُهُ كَلًّا عَلَى النَّاسِ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَيْضًا: هُوَ نَهْيٌ فِي الْأَكْلِ فَيَأْكُلُ حَتَّى لَا يَبْقَى مَا تَجِبُ فِيهِ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: هُوَ نَهْيٌ عَنِ النَّفَقَةِ فِي الْمَعْصِيَةِ. وَقِيلَ: فِي صَرْفِ الصَّدَقَةِ إِلَى غَيْرِ الْجِهَةِ الَّتِي افْتُرِضَتْ، كَمَا صَرَفَ الْمُشْرِكُونَ إِلَى جِهَةِ أَصْنَامِهِمْ. وَقِيلَ: نَهْيٌ لِلْعَامِلِينَ عَلَى الصَّدَقَةِ عَنْ أَخْذِ الزَّائِدِ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ جَذَّ خَمْسَمِائَةِ نَخْلَةٍ وَقَسَمَهَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يَتْرُكْ لِأَهْلِهِ شَيْئًا فَنَزَلَتْ وَلا تُسْرِفُوا أَيْ لَا تُعْطُوا كُلَّهُ، وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ جَذَّ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ فَلَمْ يَزَلْ يَتَصَدَّقُ حَتَّى لَمْ يبق منها شيئا فَنَزَلَتْ لَا تُسْرِفُوا. وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: كَانُوا يُعْطُونَ شَيْئًا عِنْدَ الْجِذَاذِ فَتَمَارَوْا فِيهِ فَأَسْرَفُوا فَنَزَلَتْ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: لَوْ كَانَ أَبُو قَبِيسٍ لِرَجُلٍ ذَهَبًا فَأَنْفَقَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ مُسْرِفًا وَلَوْ أَنْفَقَ دِرْهَمًا وَاحِدًا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ كَانَ مُسْرِفًا. وَقَالَ إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ: كُلُّ مَا جَاوَزْتَ فِيهِ أَمْرَ اللَّهِ فَهُوَ سَرَفٌ.
وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى جَنَّاتٍ أَيْ وأنشأ مِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً وَهَلِ الْحَمُولَةُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ مَا حُمِلَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَالْفَرْشِ الْغَنَمِ؟ أَوْ مَا قَالَهُ أَيْضًا مَا انْتُفِعَ بِهِ مِنْ ظُهُورِهَا وَالْفَرْشُ الرَّاعِيَةُ؟ أَوْ مَا قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَالْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وَابْنُ قُتَيْبَةَ: مَا حَمَلَ مِنَ الْإِبِلِ وَالْفَرْشُ صِغَارُهَا؟ أَوْ مَا قَالَهُ الْحَسَنُ أَيْضًا: الْإِبِلُ والفرش الغنم؟ أو مَا قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ: مَا يُرْكَبُ وَالْفَرْشُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَيُجْلَبُ مِنَ الْغَنَمِ وَالْفُصْلَانِ وَالْعَجَاجِيلِ؟ أَوْ مَا قَالَهُ الْمَاتُرِيدِيُّ: مَرَاكِبُ النِّسَاءِ وَالْفَرْشُ مَا يَكُونُ لِلنِّسَاءِ أَوْ مَا قَالَهُ أَيْضًا: كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ يُقَالُ لَهُ فَرْشٌ؟ تَقُولُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute