يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ الْكَرَاهَةُ. فَقِيلَ: كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ. وَقِيلَ: كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالْحَكَمِ بْنِ عُيَيْنَةَ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي بَكْرٍ الْأَصَمِّ وَقَالَ بِهِ مِنَ التَّابِعِينَ مُجَاهِدٌ وَمِنَ الصَّحَابَةِ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَرُوِيَ عَنْهُ خِلَافُهُ وَقَدْ صَنَّفَ فِي حُكْمِ لُحُومِ الْخَيْلِ جُزْءًا قَاضِي الْقُضَاةِ شَمْسُ الدِّينِ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْغَنِيِّ السُّرُوجِيُّ الْحَنَفِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَرَأْنَاهُ عَلَيْهِ وَأَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيمِ الْبِغَالِ، وَأَمَّا الْحِمَارُ الْوَحْشِيُّ إِذَا تَأَنَّسَ فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَالشَّافِعِيُّ إِلَى جَوَازِ أَكْلِهِ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ إِذَا دَجَنَ وَصَارَ يُعْمَلُ عَلَيْهِ كَمَا يُعْمَلُ عَلَى الْأَهْلِيِّ أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَزُفَرُ وَمُحَمَّدٌ: لَا يَحِلُّ أَكْلُ ذِي النَّابِ مِنَ السِّبَاعِ وَذِي الْمِخْلَبِ مِنَ الطَّيْرِ. وَقَالَ مَالِكٌ:
لَا يُؤْكَلُ سِبَاعُ الْوَحْشِ وَلَا الْبَرِّ وَحْشِيًّا كَانَ أَوْ أَهْلِيًّا وَلَا الثَّعْلَبُ وَلَا الضَّبُعُ وَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ سِبَاعِ الطَّيْرِ الرَّخَمِ وَالْعِقَابِ وَالنُّسُورِ وَغَيْرِهَا مَا أَكَلَ الْجِيفَةِ وَمَا لَمْ يَأْكُلْ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ:
الطَّيْرُ كُلُّهُ حَلَالٌ إِلَّا أَنَّهُمْ يَكْرَهُونَ الرَّخَمَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: مَا عَدَا عَلَى النَّاسِ مِنْ ذِي النَّابِ كَالْأَسَدِ وَالذِّئْبِ وَالنَّمِرِ وَعَلَى الطُّيُورِ مِنْ ذِي الْمِخْلَبِ كَالنَّسْرِ وَالْبَازِي لَا يُؤْكَلُ، وَيُؤْكَلُ الثَّعْلَبُ وَالضَّبُعُ وَكَرِهَ أَبُو حَنِيفَةَ الْغُرَابَ الْأَبْقَعَ لَا الْغُرَابَ الزَّرْعِيَّ وَالْخِلَافُ فِي الْحِدَأَةِ كَالْخِلَافِ فِي الْعُقَابِ وَالنَّسْرِ وَكَرِهَ أَبُو حَنِيفَةَ الضَّبَّ. وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: لَا بَأْسَ بِهِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ الْهِرُّ الْإِنْسِيُّ وَعَنْ مَالِكٍ جَوَازُ أَكْلِهِ إِنْسِيًّا كَانَ أَوْ وَحْشِيًّا وَعَنْ بَعْضِ السَّلَفِ جَوَازُ أَكْلِ إِنْسِيِّهِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: لَا بَأْسَ بِأَكْلِ الْحَيَّةِ إِذَا ذُكِّيَتْ. وَقَالَ اللَّيْثُ: لَا بَأْسَ بِأَكْلِ الْقُنْفُذِ وَفِرَاخِ النَّحْلِ وَدُودِ الْجُبْنِ وَدُودِ التَّمْرِ وَنَحْوِهِ وَكَذَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْقُنْفُذِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ: لَا تُؤْكَلُ الْفَأْرَةُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُؤْكَلُ الْيَرْبُوعُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ:
يُؤْكَلُ وَعَنْ مَالِكٍ فِي الْفَأْرِ التَّحْرِيمُ وَالْكَرَاهَةُ وَالْإِبَاحَةُ، وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا إِلَى كَرَاهَةِ أَكْلِ الْجَلَّالَةِ. وَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ: لَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا. وَقَالَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ وَالتَّحْبِيرِ: وَأَمَّا الْمُخَدِّرَاتُ كَالْبَنْجِ وَالسَّيْكَرَانِ وَاللُّفَّاحِ وَوَرَقِ الْقِنَّبِ الْمُسَمَّى بِالْحَشِيشَةِ فَلَمْ يُصَرِّحْ فِيهَا أَهْلُ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ وَهِيَ عِنْدِي إِلَى التَّحْرِيمِ أَقْرَبُ، لِأَنَّهَا إِنْ كَانَتْ مُسْكِرَةً فَهِيَ مُحَرَّمَةٌ
بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ» .
وَبِقَوْلِهِ: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ»
وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُسْكِرَةٍ فَإِدْخَالُ الضَّرَرِ عَلَى الْجِسْمِ حَرَامٌ. وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ بَخْتِيَشُوعَ فِي كِتَابِهِ: إِنَّ وَرَقَ الْقِنَّبِ يُحْدِثُ فِي الْجِسْمِ سَبْعِينَ دَاءً وَذَكَرَ مِنْهَا أَنَّهُ يُصَفِّرُ الْجِلْدَ وَيُسَوِّدُ الْأَسْنَانَ وَيَجْعَلُ فِيهَا الْحُفَرَ وَيَثْقُبُ الْكَبِدَ وَيُحَمِّيهَا وَيُفْسِدُ الْعَقْلَ وَيُضْعِفُ الْبَصَرَ وَيُحْدِثُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute