للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُنْسَبُ الْقَرْيَةُ الَّتِي يُنْسَبُ إِلَيْهَا الثَّمَانُونَ وَهِيَ بِالْمَوْصِلِ، وَقِيلَ: عَشَرَةٌ فِيهِمْ أَوْلَادُهُ الثَّلَاثَةُ، وَقِيلَ: تِسْعَةٌ مِنْهُمْ بَنُوهُ الثَّلَاثَةُ وَفِي قَوْلِهِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا إِعْلَامٌ بِعِلَّةِ الْغَرَقِ وَهُوَ التَّكْذِيبُ وبِآياتِنا يَقْتَضِي أَنَّ نُوحًا كَانَتْ لَهُ آيَاتٌ وَمُعْجِزَاتٌ تَدُلُّ عَلَى إِرْسَالِهِ وَيَتَعَلَّقُ فِي الْفُلْكِ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الظَّرْفُ الْوَاقِعُ صِلَةً أَيْ وَالَّذِينَ اسْتَقَرُّوا مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِأَنْجَيْنَاهُ أَيْ أَنْجَيْنَاهُمْ فِي السَّفِينَةِ مِنَ الطُّوفَانِ وَعَلَى هَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ فِي سَبَبِيَّةً أَيْ بِالْفُلْكِ كَقَوْلِهِ «دَخَلَتِ النَّارَ فِي هِرَّةٍ» أَيْ بِسَبَبِ هِرَّةٍ وعَمِينَ مِنْ عَمِيَ الْقَلْبُ أَيْ غَيْرُ مُسْتَبْصِرِينَ وَيَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ هَذَا الْوَصْفِ كَوْنُهُ جَاءَ عَلَى وَزْنِ فَعِلٍ وَلَوْ قُصِدَ الْحَذْفُ لَجَاءَ عَلَى فَاعِلٍ كَمَا جَاءَ ضَائِقٌ فِي ضَيِّقٍ وَثَاقِلٌ فِي ثَقِيلٍ إِذَا قُصِدَ بِهِ حُدُوثُ الضِّيقِ وَالثِّقَلِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَمِيَتْ قُلُوبُهُمْ عَنْ مَعْرِفَةِ التَّوْحِيدِ وَالنُّبُوَّةِ وَالْمَعَادِ، وَقَالَ مُعَاذٌ النَّحْوِيُّ: رَجُلٌ عَمٍ فِي أَمْرِهِ لَا يُبْصِرُهُ وَأَعْمَى فِي الْبَصَرِ. قَالَ:

مَا فِي غَدٍ عَمٍ وَلَكِنَّنِي عَنْ عِلْمٍ وَقَدْ يَكُونُ الْعَمَى وَالْأَعْمَى كَالْخَضِرِ وَالْأَخْضَرِ، وَقَالَ اللَّيْثُ: رَجُلٌ عَمٍ إِذَا كَانَ أَعْمَى الْقَلْبِ.

وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً قالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ عَادٌ اسْمُ الْحَيِّ وَلِذَلِكَ صَرَفَهُ وَبَعْضُهُمْ جَعَلَهُ اسْمًا لِلْقَبِيلَةِ فَمَنَعَهُ الصَّرْفَ قَالَ الشَّاعِرُ:

لَوْ شُهِدَتْ عَادُ في زمان عاد ... لا نتزها مُبَارَكُ الْجَلَّادُ

سُمِّيَتِ الْقَبِيلَةُ بِاسْمِ أَبِيهِمْ وَهُوَ عَادُ بْنُ عَوْصِ بْنِ إِرَمَ بْنِ سَامَ بْنِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُودٌ قَالَ شَيْخُنَا أَبُو الْحَسَنِ الْأُبَّدِيُّ النَّحْوِيُّ: الْمَعْرُوفُ أَنَّ هُودًا عَرَبِيٌّ وَالَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ سِيبَوَيْهِ لَمَّا عَدَّهُ مَعَ نُوحٍ وَلُوطٍ وَهُمَا عَجَمِيَّانِ أَنَّهُ عَجَمِيٌّ عِنْدَهُ انْتَهَى، وَذَكَرَ الشَّرِيفُ النَّسَّابَةُ أَبُو الْبَرَكَاتِ الْجُوَّانِيُّ أَنَّ يعرب بن قحطان بن هُودٍ هُوَ الَّذِي زَعَمَتْ يَمَنٌ أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ بِالْعَرَبِيَّةِ وَنَزَلَ أَرْضَ الْيَمَنِ فَهُوَ أَبُو الْيَمَنِ كُلِّهَا وَأَنَّ الْعَرَبَ إِنَّمَا سُمِّيَتْ عَرَبًا بِهِ انْتَهَى فَعَلَى هَذَا لَا يَكُونُ هُودٌ عَرَبِيًّا وَهُودٌ هُوَ ابْنُ عَابِرِ بْنِ شَالِحِ بْنِ أَرْفَخْشَدَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ وأَخاهُمْ مَعْطُوفٌ عَلَى نُوحًا وَمَعْنَاهُ وَاحِدًا مِنْهُمْ وَلَيْسَ هُودٌ مِنْ بَنِي عَادٍ كَمَا ذَكَرْنَا وَهَذَا كَمَا تَقُولُ أَيَا أَخَا الْعَرَبِ لِلْوَاحِدِ مِنْهُمْ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ عَادٍ وَهُوَ هُودُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رِيَاحِ بْنِ الْجَلُودِ بْنِ عَادِ بْنُ عَوْصِ بْنِ إِرَمَ بْنِ سَامَ بْنِ نُوحٍ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مِنْ عَادٍ وَاسْمُ أُمِّهِ مُرْجَانَةٌ وَكَانَ رَجُلًا تَاجِرًا أَشْبَهُ خَلْقِ اللَّهِ بِآدَمَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، رُوِيَ أَنَّ عَادًا كَانَتْ لَهُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ قَبِيلَةً يَنْزِلُونَ رِمَالَ عَالِجٍ وَهِيَ عَادٌ الْأُولَى وَكَانُوا أَصْحَابَ بَسَاتِينَ وَزُرُوعٍ وَعِمَارَةٍ وَبِلَادُهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>