مَدْيَنَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَقِيلَ: شُعَيْبُ بْنُ جَذْيِ بْنِ سِجْنِ بْنِ اللَّامِ بْنِ يَعْقُوبَ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ سَمْعَانَ إِلَّا أَنَّهُ جَعَلَ مَكَانَ اللَّامِ لَاوَى وَلَا يُعْرَفُ فِي أَوْلَادِ يَعْقُوبَ اللَّامُ فَلَعَلَّهُ تَصْحِيفٌ مِنْ لَاوِي، وَقِيلَ: شُعَيْبُ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ عَنْقَاءَ بْنِ ثُوَيْبِ بْنِ مَدْيَنَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَقَالَ الشَّرِيفُ النَّسَّابَةُ الْجَوَّانِيُّ: وَهُوَ الْمُنْتَهَى إِلَيْهِ فِي هَذَا الْعِلْمِ هُوَ شُعَيْبُ بْنُ حُبَيْشِ بْنِ وَائِلِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حَرَامِ بْنِ جُذَامِ وَاسْمُهُ عَامِرٌ أَخُو نَجْمٍ وَهُمَا وَلَدَا الْحَارِثِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ أُدَدَ بْنِ زَيْدِ بْنِ يَشْجُبَ بْنِ عُرَيْبِ بْنِ زَيْدِ بْنِ كَهْلَانَ بن سَبَأُ بْنُ يَشْجُبَ بْنِ يَعْرُبَ بْنِ قَحْطَانَ بن عابر هُودٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَبَيْنَهُ وَبَيْنَ هُودٍ فِي هَذَا النَّسَبِ الْأَخِيرِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَبًا وَبَيْنَهُمَا فِي بَعْضِ النَّسَبِ الْمَذْكُورِ سَبْعَةُ آبَاءٍ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ أَنَّهُ شُعَيْبُ بْنُ ثُوَيْبِ بْنِ مَدْيَنَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَإِبْرَاهِيمُ هُوَ ابْنُ تَارَحَ بْنِ نَاحُورَ بْنِ سَارُوغَ بْنِ أَرْغُوَ بْنِ فَالَغَ بْنِ عَابَرَ وَهُوَ هُودٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَكَانَ يُقَالُ لِشُعَيْبٍ: خَطِيبُ الْأَنْبِيَاءِ لِحُسْنِ مُرَاجَعَتِهِ قَوْمَهُ، قَالَ قَتَادَةُ: أُرْسِلَ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً إِلَى مَدْيَنَ وَمَرَّةً إِلَى أَصْحَابِ الْأَيْكَةِ وَتَعَلَّقَ إِلَى مَدْيَنَ وَانْتَصَبَ أَخاهُمْ بِأَرْسَلْنَا وَهَذَا يُقَوِّي قَوْلَ مَنْ نَصَبَ لُوطًا بِأَرْسَلْنَا وَجَعَلَهُ مَعْطُوفًا عَلَى الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَهُ.
قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ قَرَأَ الْحَسَنُ آيَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ جَاءَ بِالْمُعْجِزَةِ إِذْ كُلُّ نَبِيٍّ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُعْجِزَةٍ تَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ لَكِنَّهُ لَمْ يُعَيِّنَ هُنَا مَا الْمُعْجِزَةُ وَلَا مِنْ أَيِّ نَوْعٍ هِيَ كَمَا أَنَّهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعْجِزَاتٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا لَمْ تُعَيَّنْ فِي الْقُرْآنِ وَقَالَ قَوْمٌ:
كَانَ شُعَيْبٌ نَبِيًّا وَلَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَالْبَيِّنَةُ هُنَا الْمَوْعِظَةُ
وَأَنْكَرَ الزَّجَّاجُ هَذَا الْقَوْلَ وَقَالَ: لَا تُقْبَلُ نُبُوَّةٌ بِغَيْرِ مُعْجِزَةٍ وَمِنْ مُعْجِزَاتِهِ أَنَّهُ دَفَعَ إِلَى مُوسَى عَصَاهُ وَتِلْكَ الْعَصَا صَارَتْ تِنِّينًا
، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَمِنْ مُعْجِزَاتِ شُعَيْبٍ مَا رُوِيَ مِنْ مُحَارَبَةِ عَصَا مُوسَى التِّنِّينَ حِينَ دَفَعَ إِلَيْهِ غَنَمَهُ وَوِلَادَةُ الْغَنَمِ الدُّرْعِ خَاصَّةً حِينَ وَعَدَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ الدُّرْعُ مِنْ أَوْلَادِهَا وَوُقُوعُ عَصَا آدَمَ عَلَى يَدِهِ فِي الْمَرَّاتِ السَّبْعِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ لِأَنَّ هَذِهِ كُلَّهَا كَانَتْ قبل أن ينبأ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَكَانَتْ مُعْجِزَاتٍ لِشُعَيْبٍ،
وَقَالَ الزَّجَّاجُ: وَأَيْضًا قَالَ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ هَذِهِ الْأَغْنَامُ تَلِدُ أَوْلَادًا فِيهَا سَوَادٌ وَبَيَاضٌ وَقَدْ وَهَبْتُهَا لَكَ
فَكَانَ الْأَمْرُ كَمَا أَخْبَرَ عَنْهُ وَهَذِهِ الْأَحْوَالُ كُلُّهَا كَانَتْ مُعْجِزَةً لِشُعَيْبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مَا ادَّعَى الرِّسَالَةَ انْتَهَى، وَمَا قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ مُتَّبِعًا فِيهِ الزَّجَّاجَ هُوَ قَوْلُ الْمُعْتَزِلَةِ وَذَلِكَ أَنَّ الْإِرْهَاصَ وَهُوَ ظُهُورُ الْمُعْجِزَةِ عَلَى يَدِ مَنْ سَيَصِيرُ نَبِيًّا وَرَسُولًا بَعْدَ ذَلِكَ مُخْتَلَفٌ فِي جَوَازِهِ فَالْمُعْتَزِلَةُ تَقُولُ: هُوَ غَيْرُ جَائِزٍ فَلِذَلِكَ جَعَلُوا هَذِهِ الْمُعْجِزَاتِ لِشُعَيْبٍ وَأَهْلُ السُّنَّةِ يَقُولُونَ بِجَوَازِهِ فَهِيَ إِرْهَاصٌ لِمُوسَى بِالنُّبُوَّةِ قَبْلَ الْوَحْيِ إِلَيْهِ وَالْحُجَجُ لِلْمَذْهَبَيْنِ مَذْكُورَةٌ فِي أُصُولِ الدِّينِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute