للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْتُمْ

نَصْبٍ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ لا ذكروا ظَرْفٌ أَيِ اذْكُرُوا وَقْتَ كَوْنِكُمْ أَقِلَّةً أَذِلَّةً انْتَهَى، وَفِيهِ التَّصَرُّفُ فِي إِذْ بِنَصْبِهَا مُفْعُولَةً وَهِيَ مِنَ الظُّرُوفِ الَّتِي لَا تَتَصَرَّفُ إِلَّا بِأَنْ أُضِيفَ إِلَيْهَا الْأَزْمَانُ، وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وإِذْ ظَرْفٌ لِمَعْمُولِ واذْكُرُوا تَقْدِيرُهُ وَاذْكُرُوا حَالَكُمُ الْكَائِنَةَ أَوِ الثَّابِتَةَ إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ إِذْ ظرفا لا ذكر وَإِنَّمَا تُعْمَلُ اذْكُرْ فِي إِذْ لَوْ قَدَّرْنَاهَا مَفْعُولَةً انْتَهَى، وَهُوَ تَخْرِيجٌ حَسَنٌ. وَقَالَ الْحَوْفِيُّ إِذْ أَنْتُمْ ظَرْفٌ الْعَامِلُ فِيهِ اذْكُرُوا انْتَهَى، وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى أَصْلًا لِأَنَّ اذْكُرْ لِلْمُسْتَقْبَلِ فَلَا يَكُونُ ظَرْفُهُ إِلَّا مُسْتَقْبَلًا وَإِذْ ظَرْفٌ مَاضٍ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ الْمُسْتَقْبَلُ ولَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فَآواكُمْ وَمَا بَعْدَهُ أَيْ فَعَلَ هَذَا الْإِحْسَانَ لِإِرَادَةِ الشُّكْرِ.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْأَكْثَرُونَ: نَزَلَتْ فِي أَبِي لُبَابَةَ حِينَ اسْتَنْصَحَتْهُ قُرَيْظَةُ لَمَّا أَتَى الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُسَيِّرَهُمْ إِلَى أَذْرِعَاتٍ وَأَرِيحَا كَفِعْلِهِ بِبَنِي النَّضِيرِ فَأَشَارَ أَبُو لُبَابَةَ إِلَى حَلْقِهِ أَيْ لَيْسَ عِنْدَ الرَّسُولِ إِلَّا الذَّبْحُ فَكَانَتْ هَذِهِ خِيَانَتَهُ فِي قِصَّةٍ طَوِيلَةٍ

، وَقَالَ جَابِرٌ فِي رَجُلٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ كَتَبَ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ بِشَيْءٍ مِنْ أَخْبَارِ الرَّسُولِ صَلَّى الله عليه وسلم، وقال الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فِي قَتْلِ عُثْمَانَ.

قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ وَيُشْبِهُ أَنْ يُتَمَثَّلَ بِالْآيَةِ فِي قَتْلِهِ فَقَدْ كَانَ قَتْلُهُ خِيَانَةً لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْأَمَانَاتِ انْتَهَى، وَقِيلَ فِي حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ حِينَ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ يُعْلِمُهُمْ بِخُرُوجِ الرسول صلى الله عليه وَسَلَّمَ إِلَيْهَا، وَقِيلَ فِي قَوْمٍ كَانُوا يَسْمَعُونَ الْحَدِيثَ مِنَ الرَّسُولِ فَيُفْشُونَهُ حَتَّى يَبْلُغَ الْمُشْرِكِينَ وَخِيَانَتُهُمُ اللَّهَ فِي عَدَمِ امْتِثَالِ أَوَامِرِهِ وَفِعْلِ مَا نُهِيَ عَنْهُ فِي سِرٍّ وَخِيَانَةُ الرَّسُولِ فِيمَا اسْتَحْفَظَ وَخِيَانَةُ الْأَمَانَاتِ إِسْقَاطُهَا وَعَدَمُ الِاعْتِبَارِ بِهَا، وَقِيلَ وتَخُونُوا ذَوِي أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ أَيْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ تَبِعَةَ ذَلِكَ وَوَبَالَهُ فَكَانَ ذَلِكَ أَبْعَدَ لَكُمْ مِنَ الْوُقُوعِ فِي الْخِيَانَةِ لِأَنَّ الْعَالِمَ بِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الذَّنْبِ يَكُونُ أَبْعَدَ النَّاسِ عَنْهُ، وَقِيلَ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الْخِيَانَةَ تُوجَدُ مِنْكُمْ عَنْ تَعَمُّدٍ لَا عَنْ سَهْوٍ، وَقِيلَ وَأَنْتُمْ عَالِمُونَ تَعْلَمُونَ قُبْحَ الْقَبِيحِ وَحُسْنَ الْحَسَنِ وَجَوَّزُوا فِي وَتَخُونُوا أَنْ يَكُونَ مَجْزُومًا عَطْفًا عَلَى لَا تَخُونُوا وَمَنْصُوبًا عَلَى جَوَابِ النَّهْيِ وَكَوْنُهُ مَجْزُومًا هُوَ الرَّاجِحُ لِأَنَّ النَّصْبَ يَقْتَضِي النَّهْيَ عَنِ الْجَمْعِ وَالْجَزْمُ يَقْتَضِي النَّهْيَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ، وَقَرَأَ مُجَاهِدٌ أَمَانَتَكُمْ عَلَى التَّوْحِيدِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو.

وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ

أَيْ سَبَبُ الْوُقُوعِ فِي الْفِتْنَةِ وَهِيَ الْإِثْمُ أَوِ الْعَذَابُ أَوْ مِحْنَةٌ وَاخْتِبَارٌ لَكُمْ وَكَيْفَ تُحَافِظُونَ عَلَى حُدُودِهِ فِيهَا فَفِي

<<  <  ج: ص:  >  >>