للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالذَّالِ، التَّحْرِيضُ الْمُبَالَغَةُ فِي الْحَثِّ وَحَرَّكَهُ وَحَرَّسَهُ وَحَرَّضَهُ بِمَعْنًى، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ مِنَ الْحَرَضِ وَهُوَ أَنْ يُنْهِكَهُ الْمَرَضُ وَيَتَبَالَغَ فِيهِ حَتَّى يُشْفِيَ عَلَى الْمَوْتِ أَوْ أَنْ يُسَمِّيَهُ حَرَضًا وَيَقُولَ لَهُ مَا أَزَالُ إِلَّا حَرِضًا فِي هَذَا الْأَمْرِ وَمُمَرَّضًا فِيهِ لِيُهَيِّجَهُ وَيُحَرِّكَهُ مِنْهُ، وَقَالَتْ فِرْقَةٌ:

الْمَعْنَى حَرِّضْ عَلَى الْقِتَالِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ فِيمَنْ تَرَكَهُ إِنَّهُ حَارِضٌ، قَالَ النَّقَّاشُ: وَهَذَا قَوْلٌ غَيْرُ مُلْتَئِمٍ وَلَا لَازِمٍ مِنَ اللَّفْظِ وَنَحَا إِلَيْهِ الزَّجَّاجُ وَالْحَارِضُ الَّذِي هُوَ الْقَرِيبُ مِنَ الْهَلَاكِ لَفْظَةٌ مُبَايِنَةٌ لِهَذِهِ لَيْسَتْ مِنْهَا فِي شَيْءٍ، أَثْخَنَتْهُ الْجِرَاحَاتُ أَثْبَتَتْهُ حَتَّى تَثْقُلَ عَلَيْهِ الْحَرَكَةُ وَأَثْخَنَهُ الْمَرَضُ أَثْقَلَهُ مِنَ الثَّخَانَةِ الَّتِي هِيَ الْغِلَظُ وَالْكَثَافَةُ وَالْإِثْخَانُ الْمُبَالَغَةُ فِي الْقَتْلِ وَالْجِرَاحَاتِ.

وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. قَالَ الْكَلْبِيُّ: نزلت بدر، وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانَ الْخُمُسُ فِي غَزْوَةِ بَنِي قَيْنُقَاعَ بَعْدَ بَدْرٍ بِشَهْرٍ وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِلنِّصْفِ مِنْ شَوَّالٍ عَلَى رَأْسِ عِشْرِينَ شَهْرًا مِنَ الْهِجْرَةِ، وَمُنَاسَبَةُ هَذِهِ الْآيَةِ لِمَا قَبْلَهَا أَنَّهُ لَمَّا أَمَرَ تَعَالَى بِقِتَالِ الْكُفَّارِ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ اقْتَضَى ذَلِكَ وَقَائِعَ وَحُرُوبًا فَذَكَرَ بَعْضَ أَحْكَامِ الْغَنَائِمِ وَكَانَ فِي ذَلِكَ تَبْشِيرٌ لِلْمُؤْمِنِينَ بِغَلَبَتِهِمْ لِلْكُفَّارِ وَقَسْمُ مَا تَحَصَّلَ مِنْهُمْ مَنَ الْغَنَائِمِ، وَالْخِطَابُ فِي وَاعْلَمُوا لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْغَنِيمَةُ عُرْفًا مَا يَنَالُهُ الْمُسْلِمُونَ مِنَ الْعَدُوِّ بِسَعْيٍ وَأَصْلُهُ الْفَوْزُ بِالشَّيْءِ يُقَالُ غَنِمَ غَنْمًا. قَالَ الشَّاعِرُ:

وَقَدْ طَوَّفْتُ فِي الْآفَاقِ حَتَّى ... رَضِيتُ من الغنم بالإياب

وقال الآخر:

ويوم الْغُنْمِ يَوْمَ الْغُنْمِ مُطْعَمُهُ ... أَنَّى تَوَجَّهَ وَالْمَحْرُومُ مَحْرُومُ

وَالْغَنِيمَةُ وَالْفَيْءُ هَلْ هُمَا مُتَرَادِفَانِ أَوْ مُتَبَايِنَانِ قَوْلَانِ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ عِنْدَ ذِكْرِ الْفَيْءِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا غُنِمَ يُخَمَّسُ كَائِنًا مَا كَانَ فَيَكُونُ خُمُسُهُ لِمَنْ ذَكَرَ اللَّهُ فَأَمَّا قَوْلُهُ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا نُسِبَ إِلَى اللَّهِ يُصْرَفُ فِي الطَّاعَاتِ كَالصَّدَقَةِ عَلَى فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَعِمَارَةِ الْكَعْبَةِ وَنَحْوِهِمَا، وَقَالَ بِذَلِكَ فِرْقَةٌ وَأَنَّهُ كَانَ الْخُمُسُ يُقَسَّمُ عَلَى سِتَّةٍ فَمَا نُسِبَ إِلَى اللَّهِ قُسِّمَ عَلَى مَنْ ذَكَرْنَا، وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ سَهْمُ اللَّهِ يُصْرَفُ إِلَى رِتَاجِ الْكَعْبَةِ

وَعَنْهُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذُ الْخُمُسَ فَيَضْرِبُ بِيَدِهِ فِيهِ فَيَأْخُذُ بِيَدِهِ قَبْضَةً فَيَجْعَلُهَا لِلْكَعْبَةِ وَهُوَ سَهْمُ اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ يَقْسِمُ مَا بَقِيَ عَلَى خَمْسَةٍ، وَقِيلَ سَهْمُ اللَّهِ لِبَيْتِ الْمَالِ

، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَالنَّخَعِيُّ وَقَتَادَةُ وَالشَّافِعِيُّ قَوْلُهُ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ اسْتِفْتَاحُ كَلَامٍ كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ لِعَبْدِهِ: أَعْتَقَكَ اللَّهُ وَأَعْتَقْتُكَ عَلَى جِهَةِ التَّبَرُّكِ وَتَفْخِيمِ الْأَمْرِ وَالدُّنْيَا، كُلُّهَا لِلَّهِ وَقِسْمُ اللَّهِ وَقِسْمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>