الرَّسُولِ وَمِنَ الْمُؤْمِنِينَ. وَقَالَ الْجُمْهُورُ: مُدَّخَلًا وَأَصْلُهُ مُدْتَخَلٌ، مُفْتَعَلٌ مِنِ ادَّخَلَ، وَهُوَ بِنَاءُ تَأْكِيدٍ وَمُبَالَغَةٍ، وَمَعْنَاهُ السِّرْبُ وَالنَّفَقُ فِي الْأَرْضِ قَالَهُ: ابْنُ عَبَّاسٍ. بدىء أَوَّلًا بِالْأَعَمِّ وَهُوَ الْمَلْجَأُ، إِذْ يَنْطَلِقُ عَلَى كُلِّ مَا يَلْجَأُ إِلَيْهِ الْإِنْسَانُ، ثُمَّ ثَنَّى بِالْمَغَارَاتِ وَهِيَ الْغِيرَانُ فِي الْجِبَالِ، ثُمَّ أَتَى ثَالِثًا بِالْمُدَّخَلِ وَهُوَ النَّفَقُ بَاطِنُ الْأَرْضِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْمُدَّخَلُ قَوْمٌ يُدْخِلُونَهُمْ فِي جُمْلَتِهِمْ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ، وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَمَسْلَمَةُ بْنُ مُحَارِبٍ، وَابْنُ مُحَيْصِنٍ، وَيَعْقُوبُ، وَابْنُ كَثِيرٍ بِخِلَافٍ عَنْهُ: مَدْخَلًا بِفَتْحِ الْمِيمِ مِنْ دَخَلَ. وَقَرَأَ مَحْبُوبٌ عَنِ الْحَسَنِ: مُدْخَلًا بِضَمِّ الْمِيمِ مِنْ أَدْخَلَ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الْأَعْمَشِ وَعِيسَى بْنِ عُمَرَ. وَقَرَأَ قَتَادَةُ، وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ، وَالْأَعْمَشُ: مُدَّخَّلًا بِتَشْدِيدِ الدَّالِ وَالْخَاءِ مَعًا أَصْلُهُ مُتَدَخِّلٌ، فَأُدْغِمَتِ التَّاءَ فِي الدَّالِ. وَقَرَأَ أُبَيٌّ مُنْدَخَلًا بِالنُّونِ مَنِ الدخل. قَالَ:
وَلَا يَدِي فِي حميت السمن تَنْدَخِلُ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قِرَاءَةُ أُبِيٍّ مُتْدَخَلًا بِالتَّاءِ. وَقَرَأَ الْأَشْهَبُ الْعُقَيْلِيُّ: لَوَالَوْا إِلَيْهِ أَيْ لَتَابَعُوا إِلَيْهِ وَسَارَعُوا. وَرَوَى ابْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ أَنَّهُ قَرَأَ لَوَالَوْا إِلَيْهِ مِنَ الْمُوَالَاةِ، وَأَنْكَرَهَا سَعِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَقَالَ: أَظُنُّهَا لو ألوا بمعنى للجأوا. وَقَالَ أَبُو الْفَضْلِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ الرَّازِيُّ: وَهَذَا مِمَّا جَاءَ فِيهِ فَاعَلَ وَفَعُلَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَمِثْلُهُ ضَاعَفَ وَضَعُفَ انْتَهَى. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَقَرَأَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ مُتْدَخَلًا لَوَالَوْا إليه لا لتجأوا إِلَيْهِ انْتَهَى. وَعَنْ أُبَيٍّ لَوَلَّوْا وُجُوهَهُمْ إِلَيْهِ. وَلَمَّا كَانَ الْعَطْفُ بَأَوْ عَادَ الضَّمِيرُ إِلَيْهِ مُفْرَدًا عَلَى قَاعِدَةِ النَّحْوِ فِي أَوْ، فَاحْتَمَلَ مِنْ حَيْثُ الصِّنَاعَةُ أَنْ يَعُودَ عَلَى الْمَلْجَأِ، أَوْ عَلَى الْمُدَّخَلِ، فَلَا يَحْتَمِلُ عَلَى أَنْ يَعُودَ فِي الظَّاهِرِ عَلَى الْمَغَارَاتِ لِتَذْكِيرِهِ، وَأَمَّا بِالتَّأْوِيلِ فَيَجُوزُ أَنْ يَعُودَ عَلَيْهَا. وَهُمْ يَجْمَحُونَ يُسْرِعُونَ إِسْرَاعًا لَا يَرُدُّهُمْ شَيْءٌ. وَقَرَأَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَالْأَعْمَشُ: وَهُمْ يَجْمَزُونَ. قِيلَ: يَجْمَحُونَ، وَيَجْمَزُونَ، وَيَشْتَدُّونَ وَاحِدٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: يَجْمَزُونَ يُهَرْوِلُونَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي حَدِيثِ الرَّجْمِ: فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ جَمَزَ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ:
اللَّامِزُ حُرْقُوصُ بْنُ زُهَيْرٍ التَّمِيمِيُّ، وَهُوَ ابْنُ ذِي الْخُوَيْصِرَةِ رَأْسِ الْخَوَارِجِ، كَانَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم يقسم غنائم حنين فقال: اعْدِلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ الْحَدِيثَ.
وَقِيلَ: هُوَ ابْنُ الْجَوَّاظِ الْمُنَافِقُ قَالَ: أَلَا تَرَوْنَ إِلَى صَاحِبِكُمْ إِنَّمَا يُقَسِّمُ صَدَقَاتِكُمْ فِي رُعَاةِ الْغَنَمِ. وَقِيلَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute