الْقَتَرُ وَالْقَتَرَةُ الْغُبَارُ الَّذِي مَعَهُ سَوَادٌ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْغُبَارُ. وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
مُتَوَّجٌ بِرِدَاءِ الْمُلْكِ يَتْبَعُهُ ... مَوْجٌ تَرَى فَوْقَهُ الرَّايَاتِ وَالْقَتَرَا
أَيْ غُبَارُ الْعَسْكَرِ. وَقَالَ ابْنُ بَحْرٍ: أَصْلُ الْقَتَرِ دُخَانُ النَّارِ، وَمِنْهُ قُتَارُ الْقِدْرِ انْتَهَى. وَيُقَالُ:
الْقَتْرُ بِسُكُونِ التَّاءِ الشَّأْنُ والأمر، وجمعه شؤون. وَأَصْلُهُ الْهَمْزُ بِمَعْنَى الْقَصْدِ مِنْ شَأَنْتُ شَأْنَهُ إِذَا قَصَدْتَ قَصْدَهُ. عَزَبَ يَعْزُبُ وَيَعْزِبُ بِكَسْرِ الزَّايِ وَضَمِّهَا غَابَ حَتَّى خَفِيَ، وَمِنْهُ الرَّوْضُ الْعَازِبُ. وَقَالَ أَبُو تَمَّامٍ:
وَقَلْقَلُ نَأْيٌ مِنْ خُرَاسَانَ جَأْشَهَا ... فَقُلْتُ اطْمَئِنِّي أَنْضَرُ الرَّوْضِ عَازِبُهُ
وَقِيلَ لِلْغَائِبِ عَنْ أَهْلِهِ عَازِبٌ، حَتَّى قَالُوهُ لِمَنْ لَا زَوْجَةَ لَهُ.
لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ: أَحْسَنُوا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ذَكَرُوا كَلِمَةَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَقَالَ الْأَصَمُّ:
أَحْسَنُوا فِي كُلِّ مَا تَعَبَّدُوا بِهِ أَيْ: أَتَوْا بِالْمَأْمُورِ بِهِ كَمَا يَنْبَغِي، وَاجْتَنَبُوا الْمَنْهِيَّ. وَقِيلَ:
أَحْسَنُوا مُعَامَلَةَ النَّاسِ.
وَرَوَى أَنَسٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَحْسَنُوا الْعَمَلَ فِي الدُّنْيَا»
وَفِي الصَّحِيحِ: «مَا الْإِحْسَانُ؟ قَالَ: أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ»
وَعَنْ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَيْسَ الْإِحْسَانُ أَنْ تُحْسِنَ إِلَى مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْكَ ذَلِكَ مُكَافَأَةٌ، وَلَكِنَّ الْإِحْسَانُ أَنْ تُحْسِنَ إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْكَ» .
وَالْحُسْنَى قَالَ الْأَكْثَرُونَ: هِيَ الْجَنَّةُ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
، وَلَوْ صَحَّ وَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ. وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: الْحُسْنَى عَامٌّ فِي كُلِّ حَسَنٍ، فَهُوَ يَعُمُّ جَمِيعَ مَا قِيلَ وَوَعَدَ اللَّهُ فِي جَمِيعِهَا بِالزِّيَادَةِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ: أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ. وَلَوْ كَانَ مَعْنَى الْحُسْنَى الْجَنَّةَ لَكَانَ فِي الْقَوْلِ تَكْرِيرٌ فِي الْمَعْنَى. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَابِطٍ: هِيَ النَّضْرَةُ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: الْجَزَاءُ فِي الْآخِرَةِ. وَقِيلَ: الْأُمْنِيَّةُ ذَكَرَهُ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الْمَثُوبَةُ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ، وَمَا يَزِيدُ عَلَى الْمَثُوبَةِ وَهُوَ التَّفَضُّلُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ «١» وَعَنْ عَلِيٍّ: الزِّيَادَةُ غُرْفَةٌ مِنْ لُؤْلُؤَةٍ وَاحِدَةٍ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الْحُسْنَى الْحَسَنَةُ وَالزِّيَادَةُ عَشَرَةُ أَمْثَالِهَا. وَعَنِ الْحَسَنِ: عَشَرَةُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ. وَعَنْ مُجَاهِدٍ:
الزِّيَادَةُ مَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ. وَعَنْ زِيَادِ بْنِ شَجَرَةَ: الزِّيَادَةُ أَنْ تَمُرَّ السحابة بأهل الجنة
(١) سورة النساء: ٤/ ١٧٣.