لَفَتَ عُنُقَهُ لَوَاهَا وَصَرَفَهَا. وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: لَفَتَ الشَّيْءَ وَفَتَلَهُ لَوَاهُ، وَهَذَا مِنَ الْمَقْلُوبِ انْتَهَى. وَمُطَاوِعُ لَفَتَ الْتَفَتَ، وَقِيلَ: انْفَتَلَ.
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ: لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى الدَّلَائِلَ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ، وَذَكَرَ مَا جَرَى بَيْنَ الرَّسُولِ وَبَيْنَ الْكُفَّارِ، ذَكَرَ قَصَصًا مِنْ قَصَصِ الْأَنْبِيَاءِ وَمَا جَرَى لَهُمْ مَعَ قَوْمِهِمْ مِنَ الْخِلَافِ وَذَلِكَ تَسْلِيَةٌ لِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِيَتَأَسَّى بِمَنْ قَبْلَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فَيَخِفَّ عَلَيْهِ مَا يَلْقَى مِنْهُمْ مِنَ التَّكْذِيبِ وَقِلَّةِ الِاتِّبَاعِ، وَلِيَعْلَمَ الْمَتْلُوُّ عَلَيْهِمْ هَذَا الْقَصَصُ عَاقِبَةَ مَنْ كَذَّبَ الْأَنْبِيَاءَ، وَمَا مَنَحَ اللَّهُ نَبِيَّهُ مِنَ الْعِلْمِ بِهَذَا الْقَصَصِ وَهُوَ لَمْ يُطَالِعْ كِتَابًا وَلَا صَحِبَ عَالِمًا، وَأَنَّهَا طِبْقُ مَا أَخْبَرَ بِهِ. فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ أَوْحَاهُ إِلَيْهِ وَأَعْلَمَهُ بِهِ، وَأَنَّهُ نَبِيٌّ لَا شَكَّ فِيهِ. وَالضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِمْ عَائِدٌ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ الَّذِينَ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ. وَكَبُرَ مَعْنَاهُ عَظُمَ مَقَامِي أَيْ: طُولُ مَقَامِي فِيكُمْ، أَوْ قِيَامِي لِلْوَعْظِ.
كَمَا يُحْكَى عَنْ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ كَانَ يَعِظُ الْحَوَارِيِّينَ قَائِمًا لِيَرَوْهُ وَهُمْ قُعُودٌ، وَكَقِيَامِ الْخَطِيبِ لِيَسْمَعَ النَّاسُ وَلِيَرَوْهُ، أَوْ نَسَبَ ذَلِكَ إِلَى مَقَامِهِ وَالْمُرَادُ نَفْسُهُ كَمَا تَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute