للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَمَاعَةٌ مِنَ النَّاسِ يَجْتَمِعُونَ عَلَى أَمْرٍ يَتَعَصَّبُونَ فِيهِ. رَذُلَ الرَّجُلُ رَذَالَةً فَهُوَ رَذْلٌ إِذَا كَانَ سِفْلَةً لَا خَلَاقَ لَهُ، وَلَا يُبَالِي بِمَا يَقُولُ وَمَا يَفْعَلُ. الْإِخْبَاتُ: التَّوَاضُعُ وَالتَّذَلُّلُ، مَأْخُوذٌ مِنَ الْخَبْتِ وَهُوَ الْمُطَمْئِنُّ مِنَ الْأَرْضِ. وَقِيلَ: الْبَرَاحُ الْقَفْرُ الْمُسْتَوِي، وَيُقَالُ: أَخْبَتَ دَخَلَ فِي الْخَبْتِ، كَأَنْجَدَ دَخَلَ نَجْدًا وَأَتْهَمَ دَخَلَ تِهَامَةَ، ثُمَّ تُوُسِّعَ فِيهِ فَقِيلَ: خَبَتَ ذِكْرُهُ خَمَدَ. وَيَتَعَدَّى أَخْبَتَ بِإِلَى وَبِاللَّامِ، وَيُقَالُ لِلشَّيْءِ الدَّنِيءِ: الْخَبِيتُ. قَالَ الشَّاعِرُ:

يَنْفَعُ الطَّيِّبُ الْخَبِيتَ مِنَ الرِّزْ ... قِ وَلَا يَنْفَعُ الْكَثِيرُ الخبيث

لَزِمَ الشَّيْءَ وَاظَبَ عَلَيْهِ لَا يُفَارِقُهُ، وَمِنْهُ اللِّزَامُ. زَرَى يَزْرِي حَقُرَ، وَأَزْرَى عَلَيْهِ عَابَهُ، وَازْدَرَى افْتَعَلَ مِنْ زَرَى أَيِ: احْتَقَرَ. التَّنُّورُ مُسْتَوْقَدُ النَّارِ، وَوَزْنُهُ فَعُّولٌ عِنْدَ أَبِي عَلِيٍّ، وَهُوَ أَعْجَمِيٌّ وَلَيْسَ بِمُشْتَقٍّ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: وَزْنُهُ تَفْعُولٌ مِنَ النُّورِ، وَأَصْلُهُ تَنُوُورٌ فَهُمِزَتِ الْوَاوُ ثُمَّ خُفِّفَتْ، وَشُدِّدَ الْحَرْفُ الَّذِي قَبْلَهُ كَمَا قَالَ:

رَأَيْتُ عَرَابَةَ اللَّوْسِيَّ يَسْمُو ... إِلَى الْغَايَاتِ مُنْقَطِعَ الْقَرِينِ

يُرِيدُ عَرَابَةَ الْأَوْسِيَّ. وَلِلْمُفَسِّرِينَ أَقْوَالٌ فِي التَّنُّورِ سَتَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالْحَسَنُ، وَعِكْرِمَةُ، وَمُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ: هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ كُلُّهَا، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَكِّيَّةٌ كُلُّهَا إِلَّا قَوْلَهُ: فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحى إِلَيْكَ «١» الْآيَةَ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: مَكِّيَّةٌ إِلَّا قَوْلَهُ: فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ الْآيَةَ.

وَقَوْلُهُ: أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ «٢» نَزَلَتْ فِي ابْنِ سَلَامٍ وَأَصْحَابِهِ. وَقَوْلُهُ: إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ «٣» نَزَلَتْ فِي نَبْهَانَ التَّمَّارِ.

وَكِتَابٌ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ ظُهُورُهُ بَعْدَ هَذِهِ الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ كَقَوْلِهِ: الم ذَلِكَ الْكِتَابُ، وَأُحْكِمَتْ صِفَةٌ لَهُ. وَمَعْنَى الْإِحْكَامِ: نَظَمَهُ نَظْمًا رَضِيًّا لَا نَقْصَ فِيهِ وَلَا خَلَلَ، كَالْبِنَاءِ الْمُحْكَمِ. وَهُوَ الْمُوَثَّقُ فِي التَّرْصِيفِ، وَعَلَى هَذَا فَالْهَمْزَةُ فِي أَحُكِمَتْ لَيْسَتْ لِلنَّقْلِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِلنَّقْلِ مِنْ حَكُمَ بِضَمِّ الْكَافِ إِذَا صَارَ حَكِيمًا، فالمعنى: جعلت


(١) سورة هود: ١١/ ١٢.
(٢) سورة هود: ١١/ ١٧.
(٣) سورة هود: ١١/ ١١٤. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>