الرَّسُولَ قَالَهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ. وَقِيلَ: فِي طَائِفَةٍ قَالُوا إِذَا أَغْلَقْنَا أَبْوَابَنَا، وَأَرْخَيْنَا سُتُورَنَا، وَاسْتَغْشَيْنَا ثِيَابَنَا، وَثَنَيْنَا صُدُورَنَا، عَلَى عَدَاوَتِهِ كَيْفَ يَعْلَمُ بِنَا؟ ذَكَرَهُ الزَّجَّاجُ. وَقِيلَ: فَعَلُوا ذَلِكَ لِيَبْعُدَ عَلَيْهِمْ صَوْتُ الرسول صلى الله عليه وَسَلَّمَ، وَلَا يَدْخُلُ أَسْمَاعَهُمُ الْقُرْآنُ ذَكَرَهُ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ.
ويثنون مُضَارِعُ ثَنَى قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ. وَقَرَأَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: يُثْنُونَ بِضَمِّ الْيَاءِ مُضَارِعُ أَثْنَى صُدُورَهُمْ بِالنَّصْبِ. قَالَ صَاحِبُ اللَّوَامِحِ: وَلَا يُعْرَفُ الْإِثْنَاءُ فِي هَذَا الْبَابِ إِلَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ وَجَدْتُهَا مَثْنِيَّةً مِثْلَ أَحْمَدْتُهُ وَأَمْجَدْتُهُ، وَلَعَلَّهُ فَتَحَ النُّونَ وَهَذَا مِمَّا فُعِلَ بِهِمْ، فَيَكُونُ نَصْبُ صُدُورَهُمْ بِنَزْعِ الْجَارِ، وَيَجُوزُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ صُدُورُهُمْ رَفْعًا عَلَى الْبَدَلِ بَدَلَ الْبَعْضِ مِنَ الْكُلِّ. وَقَالَ أَبُو الْبَقَاءِ: مَاضِيهِ أَثْنَى، وَلَا يُعْرَفُ فِي اللُّغَةِ إِلَّا أَنْ يُقَالَ مَعْنَاهُ: عَرَّضُوهَا لِلْإِثْنَاءِ، كَمَا يُقَالُ: أَبِعْتَ الْفَرَسَ إِذَا عَرَضْتَهُ لِلْبَيْعِ.
وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَابْنَاهُ زَيْدٌ وَمُحَمَّدٌ، وَابْنُهُ جَعْفَرٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَابْنُ يَعْمَرَ، وَنَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبْزَى، وَالْجَحْدَرِيُّ، وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَأَبُو الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ، وَأَبُو رَزِينٍ، وَالضَّحَّاكُ:
تَثْنُونِي بِالتَّاءِ
مُضَارِعُ أَثْنَوْنِي عَلَى وَزْنِ افْعَوْعَلَ نَحْوَ اعْشَوْشَبَ الْمَكَانُ صُدُورُهُمْ بِالرَّفْعِ، بِمَعْنَى تَنْطَوِي صُدُورُهُمْ. وَقَرَأَ أَيْضًا ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَابْنُ يَعْمَرَ، وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ:
يَثْنُونِي بِالْيَاءِ صُدُورُهُمْ بِالرَّفْعِ، ذُكِّرَ عَلَى مَعْنَى الْجَمْعِ دُونَ الْجَمَاعَةِ. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا:
لَيَثْنُونَ بِلَامِ التَّأْكِيدِ فِي خَبَرِ إِنَّ، وَحَذْفِ الْيَاءِ تَخْفِيفًا وَصُدُورُهُمْ رُفِعَ. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا، وَعُرْوَةُ، وَابْنُ أَبِي أَبْزَى، وَالْأَعْشَى: يَثَّنُّونَ وَوَزْنُهُ يَفْعَوْعَلَ مِنَ الثَّنِّ، بُنِيَ مِنْهُ افْعَوْعَلَ وَهُوَ مَا هَشَّ وَضَعُفَ مِنَ الْكَلَأِ، وَأَصْلُهُ يَثْنَوْنَنَ يُرِيدُ مُطَاوَعَةَ نُفُوسِهِمْ لِلشَّيْءِ، كَمَا يَنْثَنِي الْهَشُّ مِنَ النَّبَاتِ. أَوْ أَرَادَ ضَعْفَ إِيمَانِهِمْ وَمَرَضَ قُلُوبِهِمْ وَصُدُورُهُمْ بِالرَّفْعِ. وَقَرَأَ عُرْوَةُ وَمُجَاهِدٌ أَيْضًا: كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ هَمَزَ فَقَرَأَ يَثْنَئِنُّ مِثْلَ يَطْمَئِنُّ، وَصُدُورُهُمْ رُفِعَ، وَهَذِهِ مِمَّا اسْتُثْقِلَ فِيهِ الْكَسْرُ عَلَى الْوَاوِ كَمَا قِيلَ: أَشَاحَ. وَقَدْ قِيلَ أَنَّ يَثْنَئِنُّ يَفْعَئِلُّ مِنَ الثَّنِّ. الْمُتَقَدِّمِ، مِثْلَ تَحْمَارُّ وَتَصْفَارُّ، فَحُرِّكَتِ الْأَلِفَ لِالْتِقَائِهِمَا بِالْكَسْرِ، فَانْقَلَبَتْ هَمْزَةً. وَقَرَأَ الْأَعْشَى: يَثْنَؤُونَ مِثْلَ يَفْعَلُونَ مَهْمُوزُ اللَّامِ، صُدُورَهُمْ بِالنَّصْبِ. قَالَ صَاحِبُ اللَّوَامِحِ: وَلَا أَعْرِفُ وَجْهَهُ لِأَنَّهُ يُقَالُ: ثَنَيْتُ، وَلَمْ أَسْمَعْ ثَنَأْتُ. وَيَجُوزُ أَنَّهُ قَلَبَ الْيَاءَ أَلِفًا عَلَى لُغَةِ مَنْ يَقُولُ: أَعْطَأْتُ فِي أَعْطَيْتُ، ثُمَّ هَمَزَ عَلَى لُغَةِ مَنْ يَقُولُ: وَلَا الضَّالِّينَ «١» وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَثْنَوِي بِتَقْدِيمِ الثَّاءِ عَلَى النُّونِ، وَبِغَيْرِ نُونٍ بَعْدَ الْوَاوِ عَلَى وَزْنِ تَرْعَوِي. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ غَلَطٌ لَا تَتَّجِهُ انْتَهَى. وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لا حظ الْوَاوَ فِي هَذَا الْفِعْلِ لَا يُقَالُ: ثَنَوْتُهُ فَانْثَوَى كما
(١) سورة فاتحة الكتاب: ١/ ٧.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute