للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِابْنِ كَثِيرٍ بِالْيَاءِ، وَهَذَا لَا يَعْرِفُهُ الْمَكِّيُّونَ. وَفِيهِ عَنْ أَبِي يَعْقُوبَ الْأَزْرَقِ عَنْ وَرْشٍ أَنَّهُ خَيَّرَهُ فِي الْوَقْفِ فِي جَمِيعِ الْبَابِ، بَيْنَ أَنْ يَقِفَ بِالْيَاءِ، وَبَيْنَ أَنْ يَقِفَ بِحَذْفِهَا. وَالْبَابُ هُوَ كُلُّ مَنْقُوصٍ مُنَوَّنٍ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ.

اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ. عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ. سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ. لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ: مُنَاسَبَةُ هَذِهِ الْآيَةِ لِمَا قَبْلَهَا هُوَ مَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّمَخْشَرِيُّ مِنْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا طَلَبَ الْكُفَّارُ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ آيَةٌ وَكَمْ آيَةٍ نَزَلَتْ، أَرْدَفَ ذَلِكَ بِذِكْرِ آيَاتِ عِلْمِهِ الْبَاهِرِ، وَقُدْرَتِهِ النَّافِذَةِ، وَحِكْمَتِهِ الْبَلِيغَةِ، وَأَنَّ مَا نَزَلَ عَلَيْهِ مِنَ الْآيَاتِ كَافِيَةٌ لِمَنْ تَبَصَّرَ، فَلَا يَقْتَرِحُونَ غَيْرَهَا، وَأَنَّ نُزُولَ الْآيَاتِ إِنَّمَا هُوَ عَلَى مَا يُقَدِّرُهُ اللَّهُ تَعَالَى. وَقِيلَ: مُنَاسَبَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا تَقَدَّمَ إِنْكَارُهُمُ الْبَعْثَ لِتَفَرُّقِ الْأَجْزَاءِ وَاخْتِلَاطِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ، بِحَيْثُ لَا يَتَهَيَّأُ الِامْتِيَازُ بَيْنَهَا، نَبَّهَ على إحاط عِلْمِهِ، وَأَنَّ مَنْ كَانَ عَالِمًا بِجَمِيعِ الْمَعْلُومَاتِ هُوَ قَادِرٌ عَلَى إِعَادَةِ مَا أَنْشَأَ. وَقِيلَ:

مُنَاسَبَةُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمَّا اسْتَعْجَلُوا بِالسَّيِّئَةِ نَبَّهَ عَلَى عِلْمِهِ بِجَمِيعِ الْمَعْلُومَاتِ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا نَزَلَ الْعَذَابُ بِحَسَبِ مَا يَعْلَمُ كَوْنَهُ مَصْلَحَةً. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: قَصَّ فِي هَذَا الْمَثَلِ الْمُنَبِّهِ عَلَى قُدْرَةِ اللَّهِ الْقَاضِيَةَ بِتَجْوِيزِ الْبَعْثِ، فَمِنْ ذَلِكَ الْوَاحِدَةُ مِنَ الْجِنْسِ الَّتِي هِيَ مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ يَعْنِي:

الَّتِي لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ، وَمَا تَحْمِلُهُ الْإِنَاثُ مِنَ النُّطْفَةِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنَ الْحَيَوَانِ. وَهَذَا الْبَدْءُ يُبَيِّنُ أَنَّهُ لَا يَتَعَذَّرُ عَلَى القادر عليها الإعادة. والله يَعْلَمُ: كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ، وَمَنْ فَسَّرَ الْهَادِيَ بِاللَّهِ جَازَ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: هُوَ اللَّهُ تَعَالَى، ثُمَّ ابْتَدَأَ إِخْبَارًا عَنْهُ فقال: يعلم. ويعلم هُنَا مُتَعَدِّيَةٌ إِلَى وَاحِدٍ، لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ هُنَا النِّسْبَةُ، إِنَّمَا الْمُرَادُ تَعَلُّقٌ العلم بالمفردات. وما جَوَّزُوا أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى الَّذِي، وَالْعَائِدُ عَلَيْهَا فِي صَلَاتِهَا مَحْذُوفٌ، وَيَكُونُ تَغِيضُ متعديا. وأن تَكُونُ مَصْدَرِيَّةً، فَيَكُونُ تَغِيضُ وَتَزْدَادُ لَازِمَانِ. وَسَمَاعُ تَعْدِيَتِهِمَا وَلُزُومِهِمَا ثَابِتٌ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ. وأن تكون استفهاما مبتدأ، وتحمل خبره ويعلم مُتَعَلِّقُهُ، وَالْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ الْمَفْعُولِ. وتحمل هُنَا مِنْ حَمْلِ الْبَطْنِ، لَا مِنَ الْحَمْلِ عَلَى الظَّهْرِ. وَفِي مُصْحَفِ أُبَيٍّ: مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى، وما تَضَعُ وَتَحْمِلُ عَلَى التَّفْسِيرِ، لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ لَمْ تَثْبُتْ فِي سَوَادِ الْمُصْحَفِ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَغِيضُ تَنْقُصُ من الخلقة، وتزداد تَتِمُّ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: غَيْضُ الرَّحِمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>