وَالصَّارِخُ الْمُسْتَغِيثُ، صَرَخَ يَصْرُخُ صَرْخًا وَصُرَاخًا وَصَرْخَةً. قَالَ سَلَامَةُ بْنُ جَنْدَلٍ:
كُنَّا إِذَا مَا أَتَانَا صَارِخٌ فَزِعٌ ... كَانَ الصُّرَاخُ لَهُ قَرْعُ الظَّنَابِيبِ
وَاصْطَرَخَ بِمَعْنَى صَرَخَ، وَتَصَرَّخَ تَكَلَّفَ الصُّرَاخَ، وَاسْتَصْرَخَ اسْتَغَاثَ فَقَالَ: اسْتَصْرَخَنِي فاصرخته والصريخ مصدر كالتريخ وَيُوصَفُ بِهِ الْمُغِيثُ وَالْمُسْتَغِيثُ مِنَ الْأَضْدَادِ. الْفَرْعُ الْغُصْنُ مِنَ الشَّجَرَةِ. وَيُطْلَقُ عَلَى مَا يُولَدُ مِنَ الشَّيْءِ، وَالْفَرْعُ الشَّعْرُ يُقَالُ: رَجُلٌ أَفْرَعُ وَامْرَأَةٌ فَرْعَاءُ لِمَنْ كَثُرَ شَعْرُهُ. وَقَالَ الشَّاعِرُ: وَهُوَ امْرُؤُ الْقَيْسِ بْنُ حُجْرٍ:
وَفَرْعٍ يُغَشِّي الْمَتْنَ أَسْوَدَ فَاحِمِ اجْتَثَّ الشَّيْءَ اقْتَلَعَهُ، وَجَثَّ الشَّيْءَ قَلَعَهُ، وَالْجُثَّةُ شَخْصُ الْإِنْسَانِ قَاعِدًا وقائما. وقال لقيط الأياري:
هُوَ الْجَلَاءُ الَّذِي يَجْتَثُّ أَصْلَكُمْ ... فَمَنْ رَأَى مِثْلَ ذَا آتٍ وَمَنْ سَمِعَا
الْبَوَارُ: الْهَلَاكُ. قَالَ الشَّاعِرُ:
فَلَمْ أَرَ مِثْلَهُمْ أَبْطَالَ حَرْبٍ ... غَدَاةَ الْحَرْبِ إِذْ خِيفَ الْبَوَارُ
مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ: ارْتِفَاعُ مَثَلُ عَلَى الِابْتِدَاءِ، وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ. فِيمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ، أَوْ يُقَصُّ. وَالْمَثَلُ مُسْتَعَارٌ لِلصِّفَةِ الَّتِي فِيهَا غَرَابَةٌ، وَأَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ عَلَى تَقْدِيرِ سُؤَالٍ كَأَنَّهُ قِيلَ: كَيْفَ مَثَلُهُمْ؟
فَقِيلَ: أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ، كَمَا تَقُولُ: صِفَةُ زَيْدٍ عِرْضُهُ مَصُونٌ، وَمَالُهُ مَبْذُولٌ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ:
وَمَذْهَبُ الْكِسَائِيِّ وَالْفَرَّاءِ أَنَّهُ عَلَى إِلْغَاءٍ مَثَلُ، وَأَنَّ الْمَعْنَى: الَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ.
وَقَالَ الْحَوْفِيُّ: مَثَلُ رُفِعَ بِالِابْتِدَاءِ، وَأَعْمَالُهُمْ بَدَلٌ مِنْ مَثَلُ بَدَلَ اشْتِمَالٍ. كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
مَا لِلْجَمَالِ مَشْيُهَا وَئِيدًا ... أَجُنْدُلًا يَحْمِلْنَ أَمْ حَدِيدًا
وَكَرَمَادٍ الْخَبَرُ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أَوْ يَكُونُ أَعْمَالُهُمْ بَدَلًا مِنْ مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى تَقْدِيرِ:
مَثَلُ أَعْمَالِهِمْ، وكرماد الْخَبَرُ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَقِيلَ هُوَ ابتداء، وأعمالهم ابتداء ثان، وكرماد خَبَرٌ لِلثَّانِي، وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ الْأَوَّلِ. وَهَذَا عِنْدِي أَرْجَحُ الْأَقْوَالِ، وَكَأَنَّكَ قُلْتَ:
الْمُتَحَصِّلُ مِثَالًا فِي النَّفْسِ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَذِهِ الْجُمْلَةُ الْمَذْكُورَةُ وَهِيَ أَعْمَالُهُمْ فِي فَسَادِهَا وَقْتَ الْحَاجَةِ، وَتَلَاشِيهَا كَالرَّمَادِ الَّذِي تَذْرُوهُ الرِّيحُ، وَتُفَرِّقُهُ بِشِدَّتِهَا حَتَّى لَا يَبْقَى لَهُ أَثَرٌ، وَلَا