للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْهَاءُ. وَقِيلَ: مِنَ الْعِضَهِ يُقَالُ: عَضَهَهُ عِضَهًا، وَعَضِيهَةً رَمَاهُ بِالْبُهْتَانِ. قَالَ الْكِسَائِيُّ:

الْعِضَةُ الْكَذِبُ وَالْبُهْتَانُ، وَجَمْعُهَا عُضُونُ. وَذَهَبَ الْفَرَّاءُ إِلَى أَنَّ عِضِينَ مِنَ الْعِضَاةِ، وَهِيَ شَجَرَةٌ تُؤْذِي تَخْرُجُ كَالشَّوْكِ. وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَلْزَمُ الْيَاءَ وَيَجْعَلُ الْإِعْرَابَ فِي النُّونِ فَيَقُولُ:

عِضِينُكَ كَمَا قَالُوا: سِنِينُكَ، وَهِيَ كَثِيرَةٌ فِي تَمِيمٍ وَأَسَدٍ. الصَّدْعُ: الشَّقُّ، وَتَصَدَّعَ الْقَوْمُ تَفَرَّقُوا، وَصَدَعْتُهُ فَانْصَدَعَ أَيْ شَقَقْتُهُ فَانْشَقَّ. وَقَالَ مُؤَرِّجٌ: أَصْدَعُ أَفْصِلُ، وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: أَفْصِدُ.

إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ وَنَزَعْنا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ لَا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ: لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى مَا أَعَدَّ لِأَهْلِ النَّارِ، ذَكَرَ مَا أَعَدَّ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ، لِيُظْهِرَ تَبَايُنَ مَا بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ. وَلَمَّا كَانَ حَالُ الْمُؤْمِنِينَ مُعْتَنًى بِهِ، أَخْبَرَ أَنَّهُمْ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، جَعَلَ مَا يَسْتَقِرُّونَ فِيهِ فِي الْآخِرَةِ كَأَنَّهُمْ مُسْتَقِرُّونَ فِيهِ فِي الدُّنْيَا، وَلِذَلِكَ جَاءَ: ادْخُلُوهَا عَلَى قِرَاءَةِ الْأَمْرِ، لِأَنَّ مَنِ اسْتَقَرَّ فِي الشَّيْءِ لَا يُقَالُ لَهُ: أُدْخِلَ فِيهِ. وَجَاءَ حَالُ الْغَاوِينَ مَوْعُودًا بِهِ فِي قَوْلِهِ: لَمَوْعِدُهُمْ «١» لِأَنَّهُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا. وَالْعُيُونُ:

جَمْعٌ عَيْنٍ. وَقَرَأَ نَافِعٌ، وَأَبُو عُمَرَ، وَحَفْصٌ، وَهِشَامٌ: وَعُيُونٌ بِضَمِّ الْعَيْنِ، وَبَاقِي السَّبْعَةِ بِكَسْرِهَا. وَقَرَأَ الْحَسَنُ: ادْخُلُوهَا مَاضِيًا مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ مِنَ الْإِدْخَالِ. وَقَرَأَ يَعْقُوبُ فِي رِوَايَةِ رُوَيْسٍ كَذَلِكَ، وَبِضَمِّ التَّنْوِينِ، وَعَنْهُ فَتْحُهُ. وَمَا بَعْدَهُ أَمْرٌ عَلَى تَقْدِيرٍ: أَدْخِلُوهَا إِيَّاهُمْ مِنَ الْإِدْخَالِ، أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ بِإِدْخَالِ الْمُتَّقِينَ الْجَنَّةَ، وَتَسْقُطُ الْهَمْزَةُ فِي الْقِرَاءَتَيْنِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: ادْخُلُوهَا أَمْرٌ مِنَ الدُّخُولِ. فَعَلَى قِرَاءَتَيِ الْأَمْرِ، ثَمَّ مَحْذُوفٌ أَيْ: يُقَالُ لَهُمْ، أَوْ يُقَالُ للملائكة. وبسلام فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى:

مَصْحُوبِينَ بِالسَّلَامَةِ، وَأَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: مُسَلَّمًا عَلَيْكُمْ أَيْ: مُحَيَّوْنَ، كَمَا حُكِيَ عَنِ الْمَلَائِكَةِ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ يَقُولُونَ: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ. وَنَزَعْنا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي الْأَعْرَافِ «٢» . قِيلَ: وَانْتَصَبَ إِخْوَانًا عَلَى الْحَالِ، وَهِيَ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ، وَالْحَالُ مِنَ الْمُضَافِ إِلَيْهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعْمُولًا لِمَا أُضِيفَ عَلَى سَبِيلِ الرَّفْعِ أَوِ النَّصْبِ تَنْدُرُ، فَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ: أَنَّهُ إِذَا كَانَ المضاف جزأ مِنَ الْمُضَافِ إِلَيْهِ كَهَذَا، لِأَنَّ الصُّدُورَ بَعْضُ مَا أُضِيفَتْ إِلَيْهِ وَكَالْجُزْءِ كَقَوْلِهِ: وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً «٣» جَاءَتِ الْحَالُ مِنَ الْمُضَافِ.

وَقَدْ قَرَّرْنَا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ. وَمَا اسْتَدَلُّوا بِهِ لَهُ تَأْوِيلٌ غَيْرُ مَا ذَكَرُوا، فَتَأْوِيلُهُ هُنَا أنه منصوب


(١) سورة الحجر: ١٥/ ٤٣.
(٢) سورة الأعراف: ٧/ ٤٣.
(٣) سورة النساء: ٤/ ١٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>