وَقَرَأَ النَّخَعِيُّ: وَإِنْ بِزِيَادَة وَاوٍ وَهُوَ وَالْحَسَنُ، وَأَبُو حَيْوَةَ: تَحْرَصْ بِفَتْحِ الرَّاءِ مُضَارِعُ حَرِصَ بِكَسْرِهَا وَهِيَ لُغَةٌ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ بِالْكَسْرِ مُضَارِعُ حَرَصَ بِالْفَتْحِ، وَهِيَ لُغَةُ الْحِجَازِ.
وَقَرَأَ الْحَرَمِيَّانِ، وَالْعَرَبِيَّانِ، وَالْحَسَنُ، وَالْأَعْرَجُ، وَمُجَاهِدٌ، وَشَيْبَةُ، وَشِبْلٌ، وَمُزَاحِمٌ الْخُرَاسَانِيُّ، وَالْعُطَارِدِيُّ، وَابْنُ سِيرِينَ: لَا يُهْدَى مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ، وَمَنْ مَفْعُولٌ لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ. وَالْفَاعِلُ فِي يُضِلُّ ضَمِيرُ اللَّهِ وَالْعَائِدُ عَلَى مَنْ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: مَنْ يُضِلُّهُ اللَّهُ. وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ الْمُسَيَّبَ، وَجَمَاعَةٌ: يَهْدِي مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي يَهْدِي ضَمِيرًا يَعُودُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ مَفْعُولٌ، وَعَلَى مَا حَكَى الْفَرَّاءُ أَنَّ هَدَى يَأْتِي بِمَعْنَى اهْتَدَى يَكُونُ لَازِمًا، وَالْفَاعِلُ مَنْ أَيْ لَا يَهْتَدِي مَنْ يُضِلُّهُ اللَّهُ. وَقَرَأَتْ فِرْقَةٌ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ:
لَا يَهِدِي بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَالدَّالِ. كَذَا قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ، وَيَعْنِي: وَتَشْدِيدُ الدَّالِ وَأَصْلُهُ يَهْتَدِي، فَأُدْغِمَ كَقَوْلِكَ فِي: يَخْتَصِمُ يَخْصِمُ. وَقَرَأَتْ فِرْقَةٌ: يَهْدِي بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الدَّالِ، قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهِيَ ضَعِيفَةٌ انْتَهَى. وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ هَدَى لَازِمٌ بِمَعْنَى اهْتَدَى لَمْ تَكُنْ ضَعِيفَةً، لِأَنَّهُ أَدْخَلَ عَلَى اللَّازِمِ هَمْزَةَ التَّعْدِيَةِ، فَالْمَعْنَى: لَا يَجْعَلُ مُهْتَدِيًّا مَنْ أَضَلَّهُ، وَفِي مُصْحَفِ أُبَيٍّ: لَا هَادِيَ لِمَنْ أَضَلَّ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَفِي قِرَاءَةِ أُبِيٍّ فَإِنَّ اللَّهَ لَا هَادِيَ لِمَنْ يُضِلُّ وَلِمَنْ أضل. وقرىء: يَضِلُّ بِفَتْحِ الْيَاءِ،
وَقَالَ أَيْضًا: حَرِصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِيمَانِ قُرَيْشٍ،
وَعَرَّفَهُ أَنَّهُمْ مَنْ قِسْمِ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ، وَأَنَّهُ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ أَيْ:
لَا يَلْطُفُ بِمَنْ يَخْذُلُ لِأَنَّهُ عَبَثٌ، وَاللَّهُ تَعَالَى مُتَعَالٍ عَنِ الْعَبَثِ، لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْقَبَائِحِ الَّتِي لَا تَجُوزُ عَلَيْهِ انْتَهَى. وَهُوَ عَلَى طَرِيقَةِ الِاعْتِزَالِ. وَالضَّمِيرُ فِي لَهُمْ عَائِدٌ عَلَى مَعْنَى مَنْ، وَالضَّمِيرُ فِي وَأَقْسَمُوا عَائِدٌ عَلَى كُفَّارِ قُرَيْشٍ. وَعَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ: نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ تَقَاضَى دَيْنًا عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَكَانَ فِيمَا تَكَلَّمَ بِهِ الْمُسْلِمُ الَّذِي ادَّخَرَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَقَالَ الْمُشْرِكُ، وَأَنْكَرَ أَنَّكَ تُبْعَثُ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَأَقْسَمُ بِاللَّهِ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ، بَلَى رَدَّ عَلَيْهِ مَا نَفَاهُ، وَأَكَّدَهُ بِالْقَسَمِ، وَالتَّقْدِيرُ: بَلَى يَبْعَثُهُ. وَانْتَصَبَ وَعْدًا وَحَقًّا عَلَى أَنَّهُمَا مَصْدَرَانِ مُؤَكِّدَانِ لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ بَلَى مِنْ تَقْدِيرِ الْمَحْذُوفِ الَّذِي هُوَ يَبْعَثُهُ. وَقَالَ الحوفي: حقا نعت لو عدا. وَقَرَأَ الضَّحَّاكُ: بَلَى وَعْدٌ حَقٌّ، وَالتَّقْدِيرُ: بَعْثُهُمْ وَعْدٌ عَلَيْهِ حَقٌّ، وَحَقٌّ صِفَةٌ لِوَعْدٍ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ مَعْطُوفٌ عَلَى وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا، إِيذَانًا بِأَنَّهُمَا كُفْرَتَانِ عَظِيمَتَانِ مَوْصُوفَتَانِ حَقِيقَتَانِ بِأَنْ تُحْكَيَا وَتُدَوَّنَا، تُورِيكَ ذُنُوبَهُمْ عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ، وَإِنْكَارَهُمُ الْبَعْثَ مُقْسِمِينَ عَلَيْهِ، وَبَيَّنَ أَنَّ الْوَفَاءَ بِهَذَا الْمَوْعِدِ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ يُبْعَثُونَ، أَوْ أَنَّهُ وَعْدٌ وَاجِبٌ عَلَى اللَّهِ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute