للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي مَعْنَى الْخِذْلَانِ وَالتَّخْلِيَةِ. وَقَرَأَ أَبُو الْعَالِيَةِ: فَيُمَتَّعُوا بِالْيَاءِ بِاثْنَتَيْنِ مِنْ تَحْتِهَا مَضْمُومَةً مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ، سَاكِنَ الْمِيمِ وَهُوَ مُضَارِعُ مَتَعَ مُخَفَّفًا، وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى لِيَكْفُرُوا، وَحُذِفَتِ النُّونُ إِمَّا لِلنَّصْبِ عَطْفًا إِنْ كَانَ يَكْفُرُوا مَنْصُوبًا، وَإِمَّا لِلْجَزْمِ إِنْ كَانَ مَجْزُومًا إِنْ كَانَ عَطْفًا، وَأَنْ لِلنَّصْبِ إِنْ كَانَ جَوَابَ الْأَمْرِ.

وَعَنْهُ: فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ بِالْيَاءِ عَلَى الْغَيْبَةِ، وَقَدْ رَوَاهُمَا مَكْحُولٌ الشَّامِيُّ عَنْ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى النَّبِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ.

وَالتَّمَتُّعُ هُنَا هُوَ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَآلُهَا إِلَى الزَّوَالِ.

وَيَجْعَلُونَ لِما لَا يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِمَّا رَزَقْناهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ أَلا ساءَ مَا يَحْكُمُونَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

: الضَّمِيرُ فِي: وَيَجْعَلُونَ، عَائِدٌ عَلَى الْكُفَّارِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي يَعْلَمُونَ عائد عليهم. وما هِيَ الْأَصْنَامُ أَيْ: لِلْأَصْنَامِ الَّتِي لَا يَعْلَمُ الْكُفَّارُ أَنَّهَا تَضُرُّ وَتَنْفَعُ، أَوْ لَا يَعْلَمُونَ فِي اتِّخَاذِهَا آلِهَةً حُجَّةً وَلَا بُرْهَانًا. وَحَقِيقَتُهَا أَنَّهَا جَمَادٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ وَلَا تَشْفَعُ، فَهُمْ جَاهِلُونَ بِهَا. وَقِيلَ: الضَّمِيرُ فِي لَا يَعْلَمُونَ لِلْأَصْنَامِ أَيْ: لِلْأَصْنَامِ الَّتِي لَا تَعْلَمُ شَيْئًا وَلَا تَشْعُرُ بِهِ، إِذْ هِيَ جَمَادٌ لَمْ يَقُمْ بها علم الْبَتَّةِ. وَالنَّصِيبُ: هُوَ مَا جَعَلُوهُ لَهَا مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ، قَبَّحَ تَعَالَى فِعْلَهُمْ ذَلِكَ، وَهُوَ أَنْ يُفْرِدُوا نَصِيبًا مِمَّا أَنْعَمَ بِهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ لِجَمَادَاتٍ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَا تَنْتَفِعُ هِيَ بِجَعْلِ ذَلِكَ النَّصِيبِ لَهَا، ثُمَّ أَقْسَمَ تَعَالَى عَلَى أَنَّهُ يَسْأَلُهُمْ عَنِ افْتِرَائِهِمْ وَاخْتِلَاقِهِمْ فِي إِشْرَاكِهِمْ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً، وَأَنَّهَا أَهْلٌ لِلتَّقَرُّبِ إِلَيْهَا بِجَعْلِ النَّصِيبِ لَهَا، وَالسُّؤَالِ فِي الْآخِرَةِ، أَوْ عِنْدَ عَذَابِ الْقَبْرِ، أَوْ عِنْدَ الْقُرْبِ مِنَ الْمَوْتِ أقوال. وَلَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ يَسْأَلُهُمْ عَنِ افْتِرَائِهِمْ، ذَكَرَ أَنَّهُمْ مَعَ اتِّخَاذِهِمْ آلِهَةً نَسَبُوا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى التَّوَالُدَ وَهُوَ مُسْتَحِيلٌ، وَنَسَبُوا ذَلِكَ إِلَيْهِ فِيمَا لَمْ يَرْتَضُوهُ، وَتَرْبَدُّ وُجُوهُهُمْ مِنْ نِسْبَتِهِ إِلَيْهِمْ وَيَكْرَهُونَهُ أَشَدَّ الْكَرَاهَةِ. وَكَانَتْ خُزَاعَةُ وَكِنَانَةُ تَقُولُ: الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ تَنْزِيهٌ لَهُ تَعَالَى عَنْ نِسْبَةِ الْوَلَدِ إِلَيْهِ، وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ: وَهُمُ الذُّكُورُ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَيَجُوزُ فِيمَا يَشْتَهُونَ الرَّفْعُ عَلَى الِابْتِدَاءِ، وَالنَّصْبُ عَلَى أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى الْبَنَاتِ أَيْ: وَجَعَلُوا لِأَنْفُسِهِمْ مَا يَشْتَهُونَ مِنَ الذُّكُورِ انْتَهَى. وَهَذَا الَّذِي أَجَازَهُ مِنَ النَّصْبِ تَبِعَ فِيهِ الْفَرَّاءَ وَالْحَوْفِيَّ. وَقَالَ أَبُو الْبَقَاءِ: وَقَدْ حَكَاهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ. وَذَهِلَ هَؤُلَاءِ عَنْ قَاعِدَةٍ فِي النَّحْوِ: وَهُوَ أَنَّ الْفِعْلِ الرَّافِعِ لِضَمِيرِ الِاسْمِ الْمُتَّصِلِ لَا يَتَعَدَّى إِلَى ضَمِيرِهِ الْمُتَّصِلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>